السماوات والأرض حملها، لعظمها وشدتها، عن قتادة، والمعنى: إنها لو كانت أحياء لثقل عليها تلك الأحوال من انفطار السماوات، وانكدار النجوم، وتسيير الجبال، وغيرها.
(لا تأتيكم إلا بغتة) أي: فجأة لتكون أعظم وأهول (يسألونك كأنك حفي عنها) معناه يسألونك عنها، كأنك حفي بها، أي: عالم بها قد أكثرت المسألة عنها، عن مجاهد. والضحاك، وأصله من أحفيت في السؤال عن الشئ حتى علمته: أي: استقصيت فيه. وروي عن ابن عباس أنه قرأ: (كأنك حفي بها)، فعلى هذا يكون الجار والمجرور الذي هو (عنها) محذوفا، لدلالة الحال عليها، كما يكون في التقدير الأول، يكون الجار والمجرور الذي هو (بها) محذوفا للدلالة عليها أيضا، ألا ترى أنه إذا كان حفيا بها، فلا بد أن يسأل عنها، كما أنه إذا سأل عنها، فليس ذلك إلا للحفاوة بها. وقيل فيه معنى آخر: وهو أن يكون تقديره يسألونك عنها، كأنك حفي بهم، أي: بار بهم فرح بسؤالهم، والحفاوة في المسألة هي البشاشة بالمسؤول عنه. وقيل معناه: كأنك معني بالسؤال عنها، فسألت عنها حتى علمتها، وعلى هذا فإن السؤال يوصل بعن، فلما وضع قوله (حفي) موضع السؤال، وصله بعن، وتقديره كأنك حفي بالمسألة عنها، أو تسأل عنها فتعلمها.
(قل) يا محمد (إنما علمها عند الله) لا يعلمها إلا هو، وإنما أعاد سبحانه هذا القول، لأنه وصله بقوله (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) وقيل: أراد بالأول علم وقت قيامها، وبالثاني علم كيفيتها، وهيأتها، وتفصيل ما فيها، عن الجبائي قال:
وهذا يدل على بطلان قول الرافضة إن الأئمة منصوص عليهم بأعيانهم إمام بعد إمام إلى يوم القيامة، لأنه لو كان كذلك، لوجب أن يعلم آخر الأئمة أن القيامة تقوم بعده، وذلك خلاف قوله (قل إنما علمها عند الله). وهذا ضعيف لأنه غير ممتنع أن يعلم آخر الأئمة أنه لا إمام بعده، وإن لم يعلم وقت قيام الساعة، لأنه لا يعلم وقت وفاته بعينه، هذا إذا قيل: إن الساعة وقت فناء الخلق، أو موتهم. وإذا قيل: إن الساعة عبارة عن وقت الحشر، فقد زالت الشبهة، لأنه إذا علم أنه يفنى الخلق بعده، لا يجب أن يعلم متى يحشر الخلق. على أنه قد وردت الرواية أن التكليف يزول عند موت آخر الأئمة، لظهور أشراط الساعة، وأمارات قيامها، نحو طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، وغير ذلك، ومع هذا فيجوز أن لا يعلم وقت