المواضع التي قدرت للإحرام فيها.
المعنى: ثم بين سبحانه تمام نعمته على بني إسرائيل، فقال: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر) ولم يقل أربعين ليلة، كما قاله في سورة البقرة، لفائدة زائدة ذكر فيها وجوه أحدها: إن العدة كانت ذا القعدة، وعشر ذي الحجة، ولو قال أربعين ليلة، لم يعلم أنه كان الابتداء أول الشهر، ولا أن الأيام كانت متوالية، ولا أن الشهر شهر بعينه، قاله الفراء، وهو معنى قول مجاهد، وابن عباس، وابن جريج، ومسروق، وأكثر المفسرين وثانيها: إنه سبحانه واعد موسى ثلاثين ليلة، ليصوم فيها، ويتقرب بالعبادة، ثم أتمت بعشر إلى وقت المناجاة.
وقيل: هي العشر التي نزلت التوراة فيها، ولذلك أفردت بالذكر وثالثها: إن موسى عليه السلام قال لقومه: إني أتأخر عنكم ثلاثين يوما، ليتسهل عليهم، ثم زاد عليهم عشرا، وليس في ذلك خلف، لأنه إذا تأخر عنهم أربعين ليلة، فقد تأخر ثلاثين ليلة قبلها، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وقريب منه ما روي عن الحسن أن الموعد كان أربعين ليلة في الأصل، فأجمل هناك، وفصل ههنا على وجه التأكيد.
(فتم ميقات ربه أربعين ليلة) إنما قال هذا مع أن ما تقدمه دل على هذه العدة، للبيان والتفصيل الذي تسميه الكتاب الفذلكة، ولو لم يذكره لجاز أن يتوهم أنه أتم الثلاثين بعشر منها على معنى كملنا الثلاثين بعشر، حتى كملت ثلاثين، كما يقال: كملت العشرة بدرهمين. وقد مر معنى المواعدة والوعد في سورة البقرة، وقلنا إن أربعين هنا منصوب على الحال، وتقديره معدودة أربعين ليلة.
(وقال موسى) وقت خروجه إلى الميقات (لأخيه هارون أخلفني) أي: كن خليفتي (في قومي وأصلح) فيما بينهم، واجر على طريقتك في الصلاح. وقيل:
معناه وأصلح فاسدهم في حال غيبتي. وقيل: أصلحهم أي: احملهم على الطاعة (ولا تتبع سبيل المفسدين) أي: لا تسلك طريقة العاصين، ولا تكن عونا للظالمين، وإنما أراد بذلك إصلاح قومه، وإن كان المخاطب. به أخاه، وإنما أمر موسى عليه السلام أخاه هارون بأن يخلفه، وينوب عنه، في قومه، مع أن هارون كان نبيا مرسلا، لأن الرئاسة كانت لموسى عليه السلام عليه، وعلى أمته، ولم يكن يجوز أن يقول هارون لموسى مثل ذلك. وفي هذا دلالة على أن منزلة الإمامة، منفصلة من النبوة،