ذاك الذي وأبيك يعرف مالك والحق يدفع ترهات الباطل (1) ويجوز أن يكون نصبه على المدح بمعنى: أعني ربنا، وأذكر ربنا.
اللغة: قال الأزهري: جماع الفتنة في كلام العرب: الامتحان، مأخوذ من قولك: فتنت الذهب والفضة: إذا أذبتهما بالنار وأحرقتهما. وقد فتن الرجل بالمرأة، وافتتن، وقد فتنته المرأة، وأفتنته، قال الشاعر:
لئن فتنتني لهي بالأمس أفتنت عقيلا فأمسى قد قلى كل مسلم (2) الاعراب: العامل في (كيف) قوله (كذبوا) ولا يجوز أن يعمل فيه (أنظر) لأن الاستفهام له صدر الكلام، فلا يجوز أن يعمل فيه ما قبله.
المعنى: ثم بين سبحانه جواب القوم عند توجه التوبيخ إليهم، فقال: (ثم لم تكن فتنتهم) اختلف في معنى الفتنة هنا على وجوه أحدها: إن معناه ثم لم يكن جوابهم لأنهم حين سئلوا اختبر ما عندهم بالسؤال، فلم يكن الجواب عن ذلك الاختبار إلا هذا القول. وثانيها: إن المراد لم يكن معذرتهم (إلا أن قالوا) عن ابن عباس، وقتادة، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام، وهذا راجع إلى معنى الجواب أيضا. وثالثها: ما قاله الزجاج: إن تأويله حسن لطيف، لا يعرفه إلا من عرف معاني الكلام، وتصرف العرب في ذلك، والله عز وجل، ذكر في هذه الآية الأقاصيص التي جرت من أمر المشركين، وأنهم مفتتنون بشركهم، ثم أعلم أنه لم يكن افتتانهم بشركهم، وإقامتهم عليه، إلا أن تبرأوا منه، وانتفوا منه، فحلفوا أنهم ما كانوا مشركين، ومثل ذلك في اللغة أن ترى إنسانا يحب غاويا، فإذا وقع في هلكة، تبرأ منه، فتقول له: ما كانت محبتك فلانا، إلا أن افتتنت منه. فالفتنة هاهنا بمعنى الشرك، والافتتان بالأوثان. ويؤيد ذلك ما رواه عطا، عن ابن عباس قال:
(فتنتهم يريد شركهم في الدنيا) وهذا القول في التأويل يرجع إلى حذف المضاف، لأن المعنى لم يكن عاقبة فتنتهم إلا البراءة منها بقولهم (والله ربنا ما كنا مشركين).
ويسأل: فيقال كيف يجوز أن يكذبوا في الآخرة، ويحلفوا على الكذب والدار