اللغة: الإجرام: الإقدام على القبيح بالانقطاع إليه، لأن أصل الجرم:
القطع، فكأنه قطع ما يجب أن يوصل من العمل، ومنه قيل للذنب الجرم، والجريمة والصغار: الذل الذي يصغر إلى المرء نفسه، يقال: صغر الانسان، يصغر، صغارا، وصغرا.
الاعراب: (الله أعلم حيث يجعل رسالاته) لا يخلو (حيث) هنا، من أن يكون ظرفا متضمنا لحرفه، أو غير ظرف، فإن كان ظرفا، فلا يجوز أن يعمل فيه (أعلم) لأنه يصير المعنى: أعلم في هذا الموضع، أو في هذا الوقت، ولا يوصف تعالى بأنه أعلم في مواضع، أو في أوقات، كما يقال زيد أعلم في مكان كذا، أو أعلم في زمان كذا، وإذا كان الأمر كذلك، لم يجز أن يكون (حيث) هنا ظرفا، وإذا لم يكن ظرفا، كان اسما، وكان انتصابه انتصاب المفعول به على الاتساع.
ويقوي ذلك دخول الجار عليها، فكان الأصل: الله أعلم بمواضع رسالاته، ثم حذف الجار كما قال سبحانه: (أعلم بمن ضل عن سبيله) وفي موضع آخر (أعلم من يضل عن سبيله) فمن يضل: معمول فعل مضمر، دل عليه (أعلم)، ولا يجوز أن يكون معمول (أعلم) لأن المعاني لا تعمل في مواضع الاستفهام ونحوه، إنما تعمل فيها الأفعال التي تلغى، فتعلق كما تلغى. ومثل ذلك في أنه لا يكون إلا محمولا على فعل قوله (وأضرب منا بالسيوف القوانس) (1). فالقوانس منصوب بفعل مضمر دل عليه قوله: (أضرب) لأن المعاني لا تعمل في المفعول به، ومما جعل حيث فيه اسما متمكنا غير ظرف متضمن لمعنى في قول الشاعر:
كأن منها حيث تلوي المنطقا * حقفا نقا مالا على حقفي نقا (2) ألا ترى أن حيث هنا في موضع نصب بكأن، وحقفا نقا مرفوع بأنه خبره. وقال القاضي أبو سعيد السيرافي، في شرح كتاب سيبويه: إن من العرب من يضيف حيث إلى المفرد، فيجر ما بعدها، وأنشد ابن الأعرابي بيتا آخره (حيث لي العمائم)، وأنشد أيضا أبو سعيد، وأبو علي في اخراج (حيث) من حد الظرفية بالإضافة إليها، إلى حد الأسماء المحضة، قول الشاعر يصف شيخا يقتل القمل: