يتصعد. انه يثقل الاسلام عليه، فكأنه يتكلف ما يثقل عليه، شيئا بعد شئ، كقولهم يتعفف، ويتحرج، ونحو ذلك مما يتعاطى فيه الفعل شيئا بعد شئ ويصاعد: مثل يصعد في المعنى، فهو مثل ضاعف وضعف، وناعم ونعم، وهما من المشقة وصعوبة الشئ، ومن ذلك قوله (يسلكه عذابا صعدا) وقوله (سأرهقه صعودا) أي: سأغشيه عذابا صعودا، وعقبة صعود أي: شاقة، ومن ذلك قول عمر بن الخطاب: (ما تصعد في شئ، كما تصعد في خطبة النكاح) أي: ما شق علي شئ مشقتها.
اللغة: الحرج والحرج: أضيق الضيق. قال أبو زيد: حرج عليه السحر، يحرج، حرجا إذا أصبح قبل أن يتسحر. وحرم عليه، حرما: وهما بمعنى واحد، وحرجت على المرأة الصلاة، وحرمت بمعنى واحد. وحرج على فلان: إذا هاب ان يتقدم على الأمر، وقاتل فصبر وهو كاره، وقد ذكرنا معاني الهداية، والهدى، والضلال، والإضلال، في سورة البقرة، وما يجوز إسناده إلى الله تعالى من كلا الأمرين، وما لا يجوز عند قوله (وما يضل به إلا الفاسقين).
المعنى: لما تقدم ذكر المؤمنين والكافرين، بين عقبه ما يفعله سبحانه بكل من القبيلتين فقال: (فمن يرد الله أن يهديه) قد ذكر في تأويل الآية وجوه أحدها: إن معناه (فمن يرد الله أن يهديه) إلى الثواب، وطريق الجنة (يشرح صدره) في الدنيا (للإسلام) بأن يثبت عزمه عليه، ويقوي دواعيه على التمسك به، ويزيل عن قلبه وساوس الشيطان، وما يعرض في القلوب من الخواطر الفاسدة، وإنما يفعل ذلك لطفا له، ومنا عليه، وثوابا على اهتدائه بهدى الله، وقبوله إياه، ونظيره قوله سبحانه (والذين اهتدوا زادهم هدى)، (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى).
(ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) يعني: ومن يرد ان يضله عن ثوابه وكرامته، يجعل صدره في كفره ضيقا حرجا، عقوبة له على ترك الإيمان، من غير أن يكون سبحانه مانعا له عن الإيمان، وسالبا إياه القدرة عليه، بل ربما يكون ذلك سببا داعيا له إلى الإيمان، فإن من ضاق صدره بالشئ، كان ذلك داعيا له إلى تركه، والدليل على أن شرح الصدر قد يكون ثوابا قوله سبحانه (ألم نشرح لك صدرك) الآيات، ومعلوم أن وضع الوزر ورفع الذكر يكون ثوابا على تحمل أعباء