الحجة: (قبلا): يحتمل أن يكون جمع قبيل: بمعنى الكفيل. ويجوز أن يكون بمعنى الصنف كما فسر أبو عبيدة، ويجوز أن يكون بمعنى قبل أي: مواجهة، كما فسره أبو زيد في قوله: لقيت فلانا قبلا، وقبلا، وقبلا، ومقابلة، وقبيلا، كله واحد، وهو المواجهة. فالمعنى في القراءتين على قوله واحد، وإن اختلف اللفظان.
اللغة: الحشر: الجمع مع سوق، وكل جمع: حشر.
المعنى: ثم بين سبحانه حالهم في عنادهم، وترددهم في طغيانهم، وكفرهم، فقال: (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة) حتى يروهم عيانا، يشهدون لنبينا بالرسالة (وكلمهم الموتى) أي: وأحيينا الموتى حتى كلموهم بالتوحيد، وشهدوا لمحمد بالرسالة (وحشرنا) أي: جمعنا (عليهم كل شئ) أي: كل آية. وقيل:
كل ما سألوه (قبلا) أي: معاينة ومقابلة حتى يواجهوها، عن ابن عباس، وقتادة.
ومعناه أنهم من شدة عنادهم، وتركهم الانقياد والإذعان للحق، يشكون في المشاهدات التي لا يشك فيها، ومثله قوله (وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم) وقبلا أي: قبيلا قبيلا يعني جماعة جماعة، عن مجاهد. هذا إذا حملت (قبلا) على جمع القبيل الذي هو الصنف، وإنما كانت تبهر هذه الآية، لأنه ليس في العرف أن يجتمع جميع الأشياء وتنحشر إلى موضع. وقيل: كفلاء عن الفراء. وهذا الوجه فيه بعد لأنهم إذا لم يؤمنوا عند إنزال الملائكة إليهم، وكلام الموتى، فأن لا يؤمنوا بالكفالة أجدر، إلا أن يكون المراد حشر كل شئ وفي الأشياء المحشورة ما لا ينطق، فإذا نطق بالكفالة ما لا ينطق، كان خارقا للعادة.
(ما كانوا ليؤمنوا) عند هذه الآيات (إلا أن يشاء الله) أن يجبرهم على الإيمان، عن الحسن، وهو المروي عن أهل البيت عليهم السلام. والمعنى انهم قط لا يؤمنون مختارين إلا أن يكرهوا (ولكن أكثرهم يجهلون) أن الله قادر على ذلك.
وقيل: معناه يجهلون أنهم لو أوتوا بكل آية ما آمنوا طوعا. وقيل: معناه يجهلون مواضع المصلحة، فيطلبون ما لا فائدة فيه.
وفي الآية دلالة على أن الله سبحانه، لو علم أنه إذا فعل ما اقترحوه من الآيات آمنوا، لفعل ذلك، ولكان ذلك من الواجب في حكمته، لأنه لو لم يجب ذلك، لم