وقيل: أصل، السب القطع.
النزول: قال ابن عباس: لما نزلت (أنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) الآية، قال المشركون: يا محمد لتنتهين عن سب آلهتنا، أو لنهجون ربك!
فنزلت الآية. وقال قتادة: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فنهاهم الله عن ذلك، لئلا يسبوا الله، فإنهم قوم جهلة.
المعنى: ثم نهى الله المؤمنين أن يسبوا الأصنام، لما في ذلك من المفسدة، فقال: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) أي: لا تخرجوا من دعوة الكفار ومحاجتهم، إلى أن تسبوا ما يعبدونه من دون الله، فإن ذلك ليس من الحجاج في شئ (فيسبوا الله عدوا) أي: ظلما (بغير علم) وأنتم اليوم غير قادرين على معاقبتهم بما يستحقون، لأن الدار دارهم، ولم يؤذن لكم في القتال، وإنما قال:
(من دون الله) لأن المعنى يدعونه إلها. وفي هذا دلالة على أنه لا ينبغي لأحد أن يفعل، أو يقول ما يؤدي إلى معصية غيره.
وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفوانة سوداء، في ليلة ظلماء، فقال: كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله، فكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون، فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتهم، لكيلا يسب الكفار إله المؤمنين، فكان المؤمنون قد أشركوا من حيث لا يعلمون).
(كذلك زينا لكل أمة عملهم) قيل في معناه أقوال أحدها: إن المراد كما زينا لكم أعمالكم، زينا لكل أمة ممن قبلكم أعمالهم من حسن الدعاء إلى الله تعالى، وترك السب للأصنام، ونهيناهم أن يأتوا من الأفعال ما ينفر الكفار عن قبول الحق، عن الحسن، والجبائي. ويسمي ما يجب على الانسان أن يعمله بأنه عمله، كما تقول لولدك أو غلامك: إعمل عملك، أي: ما ينبغي لك أن تفعله. وثانيها: إن معناه. وكذلك زينا لكل أمة عملهم، بميل الطباع إليه، ولكن قد عرفناهم الحق مع ذلك، ليأتوا الحق، ويجتنبوا الباطل. وثالثها: إن المراد زينا عملهم بذكر ثوابه فهو كقوله: (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) يريد: حبب إليكم الإيمان بذكر ثوابه، ومدح فاعليه. على فعله، وكره