لا يؤمنون مع مجئ الآية، فمن كسر الهمزة فإنه استأنف على القطع بأنهم لا يؤمنون.
ومن فتح الهمزة جاز أن يكون (يشعركم) منقولا من شعرت الشئ، وشعرت به، مثل دريته، ودريت به، في أنه يتعدى مرة بحرف، ومرة بلا حرف، فإذا عديته بالحرف جاز أن يكون أن في قول من لم يجعلها بمعنى لعل في موضع جر، لأن الكلام لما طال صار كالبدل منه، وجاز أن يكون في موضع نصب، والوجه في هذه القراءة على تأويلين أحدهما: أن يكون بمعنى لعل: كقول الشاعر، وهو دريد بن الصمة:
ذريني أطوف في البلاد لأنني أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا وقال:
هل أنتم عائجون (1) بنا لأنا نرى العرصات أو أثر الخيام وقال عدي بن زيد:
أعاذل ما يدريك أن منيتي إلى ساعة في اليوم أو في ضحى الغد أي: لعل منيتي المعنى: وما يشعركم لعلها إذا جاءت لا يؤمنون، وهذا ما فسره الخليل بقوله ائت السوق إنك تشتري لنا شيئا أي: لعلك. وقد جاء في التنزيل لعل بعد العلم قال سبحانه (وما يدريك لعله يزكى). (وما يدريك لعل الساعة قريب) والتأويل الآخر الذي لم يذهب إليه الخليل وسيبويه: أن يكون (لا) في قوله (لا يؤمنون) زائدة، والتقدير وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون، ومثل (لا) هذه في كونها في تأويل زائدة، وفي آخر غير زائدة، قول الشاعر:
أبي جوده لا البخل واستعجلت به نعم من فتى لا يمنع الجوع قاتله (2) يريد لا يمنع الجائع الخبز وينشد: (أبى جوده لا البخل ولا البخل) فمن نصب البخل جعلها زائدة، كأنه قال أبي جوده البخل، ومن قال لا البخل: أضاف لا إلى البخل (3). ووجه القراءة بالياء في (يؤمنون) أن المراد بهم قوم مخصوصون بدلالة