الاعراب: (خالق كل شئ): خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون صفة (ربكم) وكان يجوز نصبه على الحال، لأنه نكرة اتصل بمعرفة بعد التمام.
المعنى: لما قدم سبحانه ذكر الأدلة على وحدانيته، عقبه بتنبيه عباده على أنه الإله المستحق للطاعة، والعبادة، وتعليمهم الاستدلال بأفعاله عليه، فقال:
(ذلكم) أي: ذلك الذي خلق هذه الأشياء، ودبر هذه التدابير لكم، أيها الناس هو (الله ربكم) أي: خالقكم، ومالككم، ومدبركم، وسيدكم (لا إله إلا هو خالق كل شئ) أي: كل مخلوق من الأجسام والأعراض التي لا يقدر عليها غيره (فاعبدوه) لأنه المستحق للعبادة (وهو على كل شئ وكيل) أي: حافظ، ومدبر، وحفيظ على خلقه، فهو وكيل على الخلق، ولا يقال وكيل لهم.
(لا تدركه الأبصار) أي: لا تراه العيون، لأن الإدراك متى قرن بالبصر، لم يفهم منه إلا الرؤية، كما أنه إذا قرن بآلة السمع، فقيل: أدركت بأذني، لم يفهم منه إلا السماع، وكذلك إذا أضيف إلى كل واحد من الحواس، أفاد ما تلك الحاسة آلة فيه، فقولهم: أدركته بفمي، معناه: وجدت طعمه، وأدركته بأنفي معناه:
وجدت رائحته.
(وهو يدرك الأبصار) تقديره لا تدركه ذوو الأبصار، وهو يدرك ذوي الأبصار أي: المبصرين، ومعناه أنه يرى ولا يرى وبهذا خالف سبحانه جميع الموجودات، لأن منها ما يرى ويرى كالأحياء، ومنها ما يرى ولا يرى كالجمادات والأعراض المدركة، ومنها ما لا يرى ولا يرى كالأعراض غير المدركة، فالله تعالى خالف جميعها، وتفرد بأن يرى ولا يرى وتمدح في هذه الآية بمجموع الأمرين، كما تمدح في الآية الأخرى بقوله (وهو يطعم ولا يطعم).
وروى العياشي بالإسناد المتصل، أن الفضل بن سهل، ذا الرياستين، سأل أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام فقال: (أخبرني عما اختلف الناس فيه من الرؤية، فقال: من وصف الله بخلاف ما وصف به نفسه فقد أعظم الفرية على الله، لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار، وهذه الأبصار ليست هي الأعين، إنما هي الأبصار التي في القلوب، لا يقع عليه الأوهام، ولا يدرك كيف هو.
(وهو اللطيف) قيل في معناه وجوه أحدها: إنه اللاطف بعباده، بسبوغ