بعد الاعتدال من الركوع قام ليسجد عن قيام ثم إن لم يكن قد اطمأن وجبت في القيام وإلا كفى ما يتحقق به الفصل بين الحركتين المتضادتين واستشكل المصنف وجوب القيام لو كانت الخفة بعد الطمأنينة مما ذكرناه ومن إمكان كون الهوى للسجود ليس واجبا برأسه بل من باب المقدمة فيسقط حيث يمكن السجود بدونه من غير نقص في باقي الواجبات ولو تمكن المصلى قاعدا أو ما دونه من القيام للركوع خاصة وجب لأنه واجب مستقل فلا يرتبط فعله بالقدرة على غيره ولقوله صلى الله عليه وآله إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم الواجب الثاني النية وهي إرادة الفعل المخصوص المتعبد به مقارنة له لله تعالى والأصل فيها قوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولا يتحقق الاخلاص بدونها وقوله صلى الله عليه وآله إنما الأعمال بالنيات ومعناه أن الأعمال لا تكون معتبره بحيث يترتب عليه أثرها بدون النية وقد أجمع على توقف الصلاة عليها ولكن اختلف في كونها شرطا لها أو جزءا منها مع الاتفاق على بطلان الصلاة بتركها عمدا وسهوا فذهب المصنف إلى أنها ركن فيها والمراد بالركن ما يلتئم منه الماهية مع بطلان الصلاة بتركه مطلقا كالركوع والسجود أو ما يشتمل عليه الماهية من الأمور الوجودية المتلاحقة مع القيد المذكور ولما كانت النية مقارنة للتكبير الذي هو جزء وركن وتعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من القيام والاستقبال والستر والطهارة وغير ذلك وتبطل الصلاة بتركها مطلقا دل ذلك على ركنيتها ولقوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين فإنه اعتبر العبادة حالة الاخلاص وهو المراد بالنية ولا يعتبر إلا ما كان منضما مع الشئ بحيث يشمل الكل حقيقة واحدة وفيه نظر إذ لا دلالة لوجوب المقارنة للجزء على كون المقارن جزأ بإحدى الدلالات واعتبار ما يعتبر في الصلاة جاز أن يكون بسبب وجوابها المقارنة لا لكونه جزءا فلم قلتم بدلالته على الجزئية وما الدليل على انحصار المشترط بالشروط المذكورة في الجزء ودلالة اعتبار العبادة في حالة الاخلاص على عدم كون النية جزءا أولى من دلالته عليه لان الحال وصف خارج عن صاحبه وهو فضلة في الكلام فلو كان جزءا كان عمدة ومتى وجد الحال جزءا من صاحبه حتى يصح هنا ومن ثم ذهب المحقق في المعتبر إلى أنها شرط لا جزء فإن المراد بالشرط ما يتوقف عليه تأثير المؤثر مع تقدمه عليه كالطهارة وستر العورة أو ما يساوق جميع ما يعتبر في الصلاة وظاهر أن النية كذلك والمساوقة حاصلة في الاستدامة الحكمية فإنها إنما أجزأت عن الاستدامة الفعلية لتعذرها أو تعسرها وإلا فالدليل الدال على اعتبارها في العبادة دال على استصحابها فعلا لولا الحرج والعسر المنفيان بالآية والرواية ولأن أول الصلاة التكبير لقوله صلى الله عليه وآله وتحريمها التكبير والنية سابقة عليه أو مقارنة لأوله ولأنها لو كانت جزءا لافتقرت إلى نية أخرى ويتسلسل ولأنها تتعلق بالصلاة فلا تكون جزءا وإلا لزم تعلق الشئ بنفسه ولأن قوله صلى الله عليه وآله إنما الأعمال بالنيات يدل على مغايرة العمل للنية وأجيب عن الأول بعدم منافاته للجزئية لتوقف التأثير على سائر الأجزاء وعن الثاني بأنه مصادرة على المطلوب وعن الثالث بمنع الملازمة لمنع كلية المقدمة القائلة إن كل عبادة جميعها تتوقف على النية لخروج النظر المعرف لوجوب النظر والمعرفة فلتخرج النية أيضا وعن الرابع بأن النية لما خرجت من الكلية كان متعلقها بقية أجزاء الصلاة فلا تتعلق بنفسها فمعنى قول المصلى أو قصده أصلى عبارة عن الاتيان بمعظم أفعال الصلاة تسمية للشئ باسم الكثرة وعن الخامس بأن المغايرة حاصلة بين جزء الماهية وكلها ضرورة كيد زيد و رأسه وركوع الصلاة وسجودها فإن المضاف خارج عن المضاف إليه فلا يلزم منه الشرطية وفى هذه الأجوبة
(٢٥٤)