حتى أمسكوها، فأخذت عذرتها بأصبعها، فلما قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة، وأقامت البينة من جاراتها اللاتي ساعدنها على ذلك فرفع ذلك إلى عمر فلم يدر كيف يقضي فيها، ثم قال للرجل: ائت علي بن أبي طالب واذهب بنا إليه، فأتوا عليا عليه السلام وقصوا عليه القصة، فقال لامرأة الرجل: ألك بينة أو برهان؟ قالت: لي شهود هؤلاء جاراتي يشهدن عليها بما أقول، فأحضرتهن وأخرج علي عليه السلام السيف من غمده فطرحه بين يديه، وأمر بكل واحدة منهن فأدخلت بيتا، ثم دعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها، فردها إلى البيت الذي كانت فيه، ودعا إحدى الشهود وجثا على ركبتيه ثم قال: أتعرفيني؟
أنا علي بن أبي طالب وهذا سيفي، وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت إلى الحق (*) وأعطيتها الأمان، فإن لم تصدقيني لأملأن السيف منك، فالتفتت إلى عمر وقالت: الأمان على الصدق، فقال لها علي عليه السلام: فاصدقي، قالت: لا والله إنها رأت جمالا وهيئة فخافت فساد زوجها فسقتها المسكر ودعتنا فأمسكناها فافتضتها بأصبعها، فقال علي عليه السلام: الله أكبر أنا أول من فرق بين الشاهدين [الشهود] إلا دانيال النبي عليه السلام، فألزم علي عليه السلام المرأة حد القاذف، وألزمهن جميعا العقر، وجعل عقرها أربعمائة درهم، وأمر المرأة أن تنفى من الرجل ويطلقها زوجها وزوجه الجارية، وساق عنه علي عليه السلام، ثم ذكر حديث دانيال وأنه حكم في مثل هذا بتفريق الشهود، واستقصاء سؤالهم عن جزئيات القضية. ورواه الشيخ باسناده عن علي بن إبراهيم نحوه. ورواه الصدوق باسناده عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال: اتي عمر بن الخطاب بجارية ثم ذكر نحوه. أقول:
قوله عليه السلام: أنا أول من فرق الشهود إلا دانيال، يدل على عدم وجوب التفريق وأيضا لو وجب التفريق وكان كليا لانتفت فائدته وبطلت حكمته، لأنهم يعلمون