إلى موسى عليه السلام فقال: ان الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فذبحوها فضربوه بفخذها فقال قتلني فلان وكان رجلا له مال كثير وكان ابن أخيه قتله وفي حديث البقرة زيادة اقتصرتها * قال أبو محمد: رحمه الله: وكل ما احتجوا به من هذا فايهام وتمويه على المغترين، أما الآية فحق وليس فيها شئ مما في هذه الأخبار البتة وإنما فيها ان الله تعالى أمر بني إسرائيل بذبح بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين مسلمة لاشية فيها غير ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك، وانهم كانوا قتلوا قتيلا فتدارءوا فيه فأمرهم الله تعالى أن يضربوه ببعضها إذ ذبحوها كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته، وليس في الآية أكثر من هذا لا أن المقتول ادعى على أحد ولا انه قتل به ولا انه كانت فيه قسامة فكل ما أخبر الله تعالى به فهو حق وكل ما أقحموه بآرائهم في الآية فهو باطل فبطل أن يكون لهم في الآية متعلق أصلا، ثم نظرنا في الاخبار التي ذكرنا فوجدناها كلها مرسلة لا حجة في شئ منها الا الذي صدرنا به فهو موقوف على ابن عباس، ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فبطل أن يكون لهم في شئ منها متعلق، ثم لو صحت الأخبار المذكورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكانت كلها لا حجة لهم فيها لوجوه، أولها أن ذلك حكم كان في بني إسرائيل ولا يلزمنا ما كان فيهم فقد كان فيهم السبت.
وتحريم الشحوم وغير ذلك ولا يلزمنا الا ما أمرنا به نبينا عليه السلام قال الله تعالى:
(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فضلت على الأنبياء بست - فذكر فيها - أن من كان قبله أنما كان يبعث إلى قومه خاصة وبعث هو عليه السلام إلى الأحمر والأسود " فصح يقينا أن موسى عليه السلام وسائر الأنبياء قبل محمد عليه السلام لم يبعثوا الينا فبيقين ندري أن شرائع من لم يبعث الينا ليست لازمة لنا وإنما يلزمنا الاقرار بنبوتهم فقط، وثانيها انه لا يختلف اثنان من المسلمين في أنه لا يلزمنا في شئ من دعوى الدماء ذبح البقرة، وصح بطلان احتجاجهم بتلك الأخبار إذ ليس فيها أن يسمع من المقتول بعد أن تذبح بقرة ويضرب بها * وثالثها أن تلك الأخبار فيها معجزة نبي وإحالة الطبيعة من احياء ميت فهم يريدون أن نصدق حيا قد حرم الله تعالى علينا تصديقه على غير نفسه ممكنا منه الكذب من اجل ان صدق بنو إسرائيل ميتا أحياه الله تعالى بعد موته، وهذا ضد القياس بلا شك وضد ما في هذه الأخبار بلا شك، والامر بيننا وبينهم في هذه المسألة قريب فليرونا مقتولا رد الله تعالى روحه إليه بحضرة نبي أو بغير حضرته ويخبرنا بالشئ ونحن حينئذ نصدقه واما أن نصدق حيا يدعى على غيره فهو أبطل الباطل بعينه، فذكرهم لهذه الآية وهذه الأخبار قبيح