عن ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك فقلت بلى وعليكم السام واللعنة فقال:
يا عائشة ان الله رفيق يحب الرفق في الامر كله قلت أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: قلت وعليكم " * حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن إسحاق نا ابن الاعرابي نا أبو داود نا يحيى بن حبيب بن عدي نا خالد بن الحرث نا شعبة عن هشام بن زيد بن أنس عن أنس بن مالك " أن امرأة يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أردت لأقتلك قال: ما كان الله ليسلطك على ذلك - أو قال علي - فقالوا ألا نقتلها؟ فقال: لا " * قال أبو محمد: فقالوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع قول اليهود له السام عليك - وهذا قول لو قاله مسلم لكان كافرا بذلك وقد سمت اليهودية طعاما لتقتله ولو أن مسلما يفعل ذلك لكان بذلك كافرا فلم يقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا قتلها، وحديث لبيد بن الأعصم إذ سحره صلى الله عليه وسلم فلم يقتله * قال أبو محمد: ما نعلم لهم حجة غير هذا أصلا وكل هذا لا حجة لهم في شئ منه على ما نبين إن شاء الله تعالى، اما الأحاديث التي فيها قول اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم السام عليك فليس بشئ لان السام إنما هو الموت كما روينا من طريق البخاري نا يحيى بن بكير نا الليث - هو ابن سعد - عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب أخبره أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف. وسعيد بن المسيب " أن أبا هريرة أخبرهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحبة السوداء: شفاء من كل داء الا السام " قال ابن شهاب والسام الموت فمعنى السام عليك الموت عليك وهذا كلام حق وإن كان فيه جفاء لان الله تعالى يقول: (انك ميت وانهم ميتون) وقال تعالى: (كل نفس ذائقة الموت) وإنما يحصل بالجفاء على النبي صلى الله عليه وسلم الكفر من المسلم وبكفره يحل دمه والذمي كافر ولم يقل أنه لجفائه على النبي صلى الله عليه وسلم يكون كافرا بجفائه بل كان كافرا وهو كافر ولا يحل دمه بكفره إذا صحت نيته لكن بمعنى آخر غير الكفر وهكذا القول في لبيد بن الأعصم الزرقي اليهودي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سم اليهودية لطعامه صلى الله عليه وسلم ولا فرق إنما يحصل من ذلك الكفر لمن فعله بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين والذميون كفار قبل ذلك ومعه وليس بنفس كفرهم حلت دماؤهم في ذلك إذا تذمموا فالمسلم يقتل بكفره إذا أحدث كفرا بعد اسلامه والذمي لا يقتل وان أحدث في كل حين كفرا حادثا غير كفره بالأمس إذا كان من نوع الكفر