فلا يحل البتة أن يكون لأحدهما حكم الآخر فهذا حكم القرآن والسنة الثابتة * وأما الاجماع فان الأمة كلها مجمعة بلا خلاف من أحد على أن الشهود إذا شهدوا واحدا بعد واحد فتموا عدولا أربعة فإنه لا حد عليه * وكذلك أجمعوا بلا خلاف من أحد منهم لو أن ألف عدل قذفوا امرأة أو رجلا كذلك بالزنا مجتمعين أو مفترقين ان الحد عليهم كلهم حد القذف ان لم يأتوا بأربعة شهداء فان جاءوا بأربعة شهداء سقط الحد عن القذفة فقد صح الاجماع المتيقن الذي لا شك فيه * وأما المخالفون لنا في الجملة على الفرق بين حكم القاذف وبين حكم الشاهد وان القاذف فليس شاهدا وان الشاهد ليس قاذفا فقد صح الاجماع على هذا بلا شك وصح اليقين ببطلان قول من قال بأن يحد الشاهد والشاهدان والثلاثة إذا لم يتموا أربعة لأنهم ليسوا قذفة ولا لهم حكم القاذف وهذا هو الاجماع حقا الذي لا يجوز خلافه * وأما طريق النظر فنقول وبالله تعالى التوفيق: انه لو كان ما قالوا لما صحت في الزنا شهادة أبدا لأنه كان الشاهد الواحد إذا شهد بالزنا صار قاذفا عليه الحد على أصلهم فإذ قد صار قاذفا فليس شاهدا فإذا شهد الثاني فكذلك أيضا يصير قاذفا وهذا فاسد كما ترى وخلاف للقرآن في إيجاب الحكم بالشهادة بالزنا وخلاف السنة الثابتة بوجوب قبول البينة في الزنا وخلاف الاجماع المتيقن بقبول الشاهدة في الزنا وخلاف الحس والمشاهدة في أن الشاهد ليس قاذفا والقاذف ليس شاهدا، وأيضا فنقول لهم أخبرونا عن الشاهد إذا شهد على آخر بالزنا وهو عدل ماذا هو الآن عندكم أشاهد أم قاذف أم لا شاهد ولا قاذف؟ ولا سبيل إلى قسم ثالث فان قالوا: هو شاهد قلنا صدقتم وهذا هو الحق وإذ هو شاهد فليس قاذفا حين نطق بالشهادة فمن المحال الممتنع أن يصير قاذفا إذا سكت ولم يأت بثلاثة عدول إليه وليس في المحال أكثر من أن يكون شاهدا لا قاذفا فإذا تكلم باطلاق الزنا عل المشهود عليه بم يصير قاذفا لا شاهدا إذا لم يتكلم ولا نطق بحرف فهذا محال لا اشكال فيه وان قالوا هو قاذف فقد ذكروا وجوب الحد على القاذف بلا شك فقد وجب الحد عليه * 2219 - مسألة - شهد أربعة بالزنا على امرأة أحدهم زوجها * قال أبو محمد رحمه الله: اختلف الناس في هذا فقالت طائفة: ليست شهادة ويلا عن الزوج كما روينا عن ابن عباس في أربعة شهداء شهدوا بالزنا على امرأة وأحدهم زوجها قال يلاعن الزوج ويحد الآخرون، وعن إبراهيم النخعي بمثله، وبه يقول مالك. والشافعي.
والأوزاعي في أحد قوليه، وقال آخرون ان كانوا عدولا فالشهادة تامة وتحد المرأة