ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) فلو كان إقامة الحدود بالجلد في المساجد حراما لفصل لنا ذلك مبينا في القرآن على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وممن قال بإقامة الحدود بالجلد في المساجد: ابن أبي ليلى وغيره وبه نأخذ، وبالله تعالى التوفيق * 2166 مسألة هل الحدود كفارة لمن أقيمت عليه أم لا؟ * قال أبو محمد رحمه الله: كل ما أصاب ذنبا فيه حد فأقيم عليه ما يجب في ذلك فقد سقط عنه ما أصاب من ذلك تاب أو لم يتب حاش المحاربة فان إثمها باق عليه وان أقيم عليه حدها ولا يسقطها عنه إلا التوبة لله تعالى فقط، برهان ذلك ما رويناه من طريق مسلم نا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم ومحمد بن عبد الله بن نمير كلهم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني عن عبادة بن الصامت قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس: فقال: " تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق فمن وفا منكم فأجره على الله ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وان شاء عذبه " * وبه إلى مسلم حدثني إسماعيل بن سالم أنا هشيم انا خالد - هو الحذاء - عن أبي قلابة عن أبي الأشعث - هو الصنعاني - عن عبادة بن الصامت قال: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا يغتاب بعضنا بعضا فمن وفا منكم فأجره على الله ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو عقابه، ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله ان شاء عذبه وان شاء غفر له * وأما تخصيصنا المحاربة من جميع الحدود فلقول الله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا) إلى قوله تعالى: (عذاب عظيم) فنص الله تعالى نصا لا يحتمل تأويلا على أنهم مع إقامة هذا الحد عليهم وانه لهم خزي في الدنيا ولهم مع ذلك في الآخرة عذاب عظيم * قال أبو محمد رحمه الله: فوجب استعمال النصوص كلها كما جاءت وأن لا يترك شئ منها لشئ آخر وليس بعضها أولى بالطاعة من بعض وكلها حق من عند الله تعالى ولا يجوز النسخ في شئ من ذلك، أما حديث عبادة فإنه فضيلة لنا أن تكفر عنا الذنوب بالحد والفضائل لا تنسخ لأنها ليست أوامر ولا نواهي وإنما النسخ في الأوامر والنواهي سواء وردت بلفظة الأمر والنهي أو بلفظ الخبر ومعناه الأمر والنهي، وأما الخبر المحقق فلا يدخل النسخ فيه ولو دخل لكان كذبا وهذا
(١٢٤)