قضى مجملا في الجنين بغرة عبد أو أمة فكان هذان النصان عامين لكل من له عاقلة ولكل من لا عاقلة له ولا عصبة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ تضى بالدية والغرة على العصبة لم يقل: انه لا يجب من ذلك شئ على من لا عصبة له فإذ لم يقل وقضى بالغرة جملة وقضى الله تعالى بدية مسلمة إلى أهل المقتول خطأ عموما كان ذلك واجبا فيمن قتله خطأ من له عصبة ومن لا عصبة له، وكذلك الغرة فوجب أن لا تسقط الدية ولا الغرة ههنا أيضا إذ لم يسقطها نص من الله تعالى ولا من رسوله عليه السلام فنظرنا في هذه الأقوال فوجدنا من جعلها في مال الجاني أو على عصبة أمه أو على مثله ممن أسلم قد خص بالغرامة قوما دون سائر الناس وهذا لا يجوز لأنه صلى الله عليه وسلم قال: " ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام " فلم يجز أن يغرم أحد غرامة لم يأت بايجابها نصي ولا اجماع، ولم يقل الله تعالى ولا رسوله عليه السلام أن الدية يغرمها الأخوال ولا الجاني ولا من أسلم مع الجاني فلا يجوز تخصيصهم لأنهم وغيرهم سواء في تحريم أموالهم * قال أبو محمد: رحمه الله فلم يبق الا قول من قال إن الدية والغرة في سهم الغارمين من الصدقات أو بيت مال المسلمين في كل مال موقوف لجميع مصالحهم فوجب القول بهذا لان الله تعالى أوجب الدية في كل مؤمن قتل خطأ وأوجب الغرة في كل جنين أصيب عموما إلا ولد الزنا وحده ومن لا يلحق بمن حملت به أمه فقط لان الولادات متصلة من آدم عليه السلام الينا وإلى انقراض الدنيا أبا بعد أب فكل من على ظهر الأرض من ولد آدم فله عصبة يعلمها الله تعالى وان بعدوا عنه ولا بد الا من ذكرنا، فان كانت العصبة مجهولة أو كانوا فقراء فبيقين ندري أن الله تعالى إذ أوجب عليهم الدية والغرة وخفي أمرهم فهم عند الله تعالى من الغارمين فحقهم في سهم الغارمين من الصدقات واجب فتؤدى عنهم من ذلك، وأما من لم يكن له أب كولد الزنا. وابن الملاعنة ومن زفت إليه غير امرأته وولد المرأة من المجنون يغتصبها ونحو ذلك فهذا لا عصبة له بيقين أصلا لكن الله تعالى قد أوجب في قتل الخطا الدية وفي الجنين الغرة على جميع أهل الاسلام عاما لا بعضهم دون بعض فلا يجوز أن يخص بعضهم دون بعض، وهكذا وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل إذ ودى عبد الله بن سهل رضي الله عنه من الصدقات مائة من الإبل، وقد ذكرناه باسناده في كتاب القسامة إذ لم يعرف من قتله وبالله تعالى التوفيق * 2148 مسألة: القسامة * قال أبو محمد رحمه الله: اختلف الناس في القسامة
(٦٤)