قال أبو محمد رحمه الله: وجاء فيه أيضا عن بعض السلف كما رويناه بالسند المذكور إلى مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقى رجلا قد أخذ سارقا وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله فقال: لا حتى أبلغ به إلى السلطان فقال له الزبير: إذا بلغت به إلى السلطان فلعن الله الشافع والمشفع * قال أبو محمد رحمه الله: فنظرنا في الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم فوجدناها لا يصح منها شئ أصلا، أما الأول فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عمرو وهي صحيفة، وأما حديث صفوان فلا يصح فيه شئ أصلا لأنها كلها منقطعة لأنها عن عطاء. وعكرمة.
وعمرو بن دينار. وابن شهاب وليس منهم أحد أدرك صفوان، وأما عن عطاء عن طارق بن مرتفع (1) وهو مجهول، أو عن أسباط عن سمك عن حميد بن أخت صفوان وهذا ضعيف عن ضعيف عن مجهول * قال علي: فإذ ليس في هذا الباب أثر يعتمد عليه فالمرجوع إليه هو طلب حكم هذه المسألة من غير هذه الآثار فنظرنا في ذلك فوجدنا قد صح بالبراهين التي قد أوردنا قبل أن الحد لا يجب الا بعد بلوغه إلى الامام وصحته عنده فإذ الامر كذلك فالترك لطلب صاحبه قبل ذلك مباح لأنه لم يجب عليه فيما فعل حد بعد ورفعه أيضا مباح إذ لم يمنع من ذلك نص أو اجماع فإذ كلا الامرين مباح فالأحب الينا دون أن يفتى به أن يعفا عنه ما كان وهلة ومستورا فان اذى صاحبه وجاهر فرفعه أحب الينا وبالله تعالي التوفيق * 2179 مسألة هل تدرأ الحدود بالشبهات أم لا؟ قال أبو محمد رحمه الله:
ذهب قوم إلى أن الحدود تدرأ بالشبهات فأشدهم قولا بها واستعمالا لها أبو حنيفة وأصحابه ثم المالكيون ثم الشافعيون، وذهب أصحابنا إلى أن الحدود لا يحل أن تدرأ بشبهة ولا أن تقام بشبهة وإنما هو الحق لله تعالى ولا مزيد فإن لم يثبت الحد لم يحل أن يقام بشبهة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام " وإذا ثبت الحد لم يحل أن يدرأ بشبهة لقول الله تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها) * قال أبو محمد رحمه الله: فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في اللفظ الذي يتعلق به من تعلق أيصح أم لا؟ فنظرنا فيه فوجدناه قد جاء من طرق ليس فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم نص ولا كلمة وإنما هي عن بعض أصحاب (2) من طرق كلها لا خير فيها