الحكم عن أبيه عن عكرمة قال: " لما حضر عبد الله بن أبي الموت قال ابن عباس: فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرى بينهما كلام فقال له عبد الله بن أبي: قد أفقه ما تقول ولكن من على اليوم وكفني بقميصك هذا وصل علي قال ابن عباس. فكفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقميصه وصلى عليه والله أعلم أي صلاة كانت وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخدع إنسانا قط غير أنه قال يوم الحديبية: كلمة حسنة قال الحكم: فسألت عكرمة ما هذه الكلمة؟ فال قالت قريش: يا أبا حباب إنا قد منعنا محمدا طواف هذا البيت ولكنا نأذن لك فقال لا لي في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة " * حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا احمد ابن شعيب أنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وسمع جابرا يقول: أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبي وقد وضع في حفرته فوقف فأمر به فأخرج من حفرته فوضعه على ركبتيه وألبسه قميصه ونفث عليه من ريقه والله أعلم * قال أبو محمد رحمه الله: فهذا كله يوجب صحة ما قلناه لوجوه، أحدها ظاهر الآية كما قلنا من أنهم كفروا قبل وماتوا على الفسق، والثاني ان الله تعالى قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن الاستغفار جملة للمشركين بقوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) إلى قوله تعالى: (أصحاب الجحيم) فلو كان ابن أبي وغيره من المذكورين ممن تبين للنبي عليه السلام انهم كفار بلا شك لما استغفر لهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا صلى عليه، ولا يحل لمسلم أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم انه خالف ربه في ذلك فصح يقينا أنه عليه السلام لم يعلم قط ان عبد الله بن أبي والمذكورين كفار في الباطن * روينا من طريق مسلم نا حرملة بن يحيى التجيبي نا عبد الله بن وهب أنا يونس عن ابن شهاب أخبرني سعيد بن المسيب بن حور عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل. وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل. وعبد الله ابن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيدان عليه تلك المقالة حتى قال أبو طالب: آخر ما كلمهم به على ملة عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " فأنزل الله تعالى. (ما كان للنبي والذين آمنوا) الآية * قال أبو محمد: فصح ان النهي عن الاستغفار للمشركين نزل بمكة بلا شك فصح يقينا انه عليه السلام لم يوقن أن عبد الله بن أبي مشرك ولو أيقن أنه مشرك لما صلى عليه أصلا ولا استغفر له وكذلك تعديد عمر بن الخطاب مقالات عبد الله بن أبي سلول لا ولو
(٢١٠)