قال أبو محمد رحمه الله: فهذا لا حجة لهم فيه لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجنها ولا أمر بذلك، لكن فيه أن الأنصاري تولى أمرها وحياطتها فقط * قال أبو محمد رحمه الله: فان ذكروا قول الله تعالى: " فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) فان هذا حكم منسوخ باجماع الأمة * قال علي رحمه الله: فإذ لم يبق لمن رأى السجن حجة فالواجب طلب البرهان على صحة القول الآخر فنظرنا في ذلك فوجدنا من قال بسجنه لا يخلو من أحد وجهين، إما أن يكون متهما لم يصح قبله شئ، أو يكون قد صح قبله شئ من الشر، فإن كان متهما بقتل أو زنا أو سرقة أو شرب أو غير ذلك فلا يحل سجنه لان الله تعالى يقول:
(ان الظن لا يغني من الحق شيئا)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والظن فان الظن أكذب الحديث " وقد كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتهمون بالكفر وهم المنافقون فما حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أحدا، وبالله تعالى التوفيق * 2169 مسألة فيمن أصاب حدا مرتين فصاعدا * قال أبو محمد رحمه الله:
اختلف الناس في ذلك كمن زنى مرتين فأكثر قبل أن يحد في ذلك أو قذف مرتين فأكثر قبل أن يحد في ذلك أو شرب الخمر مرتين فأكثر قبل أن يقام عليه الحد، أو سرق مرتين فأكثر عليه أن يحد في ذلك أو جحد عارية مرتين فأكثر قبل أن يقام عليه الحد في ذلك أو حارب مرتين فأكثر قبل أن يقام عليه الحد في ذلك، فقالت طائفة: ليس في كل ذلك إلا حد واحد فقط، وقالت طائفة: عليه لكل مرة حد * قال أبو محمد رحمه الله: فوجب أن ننظر في ذلك لنعلم الحق فنتبعه بعون الله تعالى، فنظرنا في قول من قال: لكل فعلة حد: فوجدناهم يحتجون بقول الله تعالى:
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) وقال تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)، وقال تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) ووجدنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن رافع ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال: " من شرب الخمر فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه " وذكر باقي الخبر، قالوا: فوجب بنص كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على من زنا الجلد المأمور به، وعلى من سرق قطع يده، وعلى من قذف الجلد المأمور به، وعلى من شرب الخمر الجلد المأمور به، فاستقر ذلك فرضا عليه فإذ ذلك كذلك فبيقين ندري أنه متى ني ثانية وجب عليه حد ثان، وإذا سرق ثانية وجب