أو لم يحصنا فوجدناهم يحتجون بأنه هكذا فعل الله بقوم لوط قال الله تعالى:
(وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك) واحتجوا من الآثار التي ذكرنا آنفا بما ناه أحمد بن إسماعيل بن دليم نا محمد بن أحمد بن الخلاص نا محمد بن القاسم بن شعبان ني محمد بن أحمد عن يونس بن عبد الأعلى. وأبى الربيع ابن أبي رشدين أنا عبيد الله بن رافع عن عاصم بن عبيد الله عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الذي يعمل عمل قوم لوط فارجموا الاعلى والأسفل " وقال فيه: وقال: " أحصنا أو لم يحصنا " فهذا كل ما شغبوا به قد تقصيناه وكله لا حجة لهم فيه على ما نبين إن شاء الله تعالى * أما فعل الله تعالى في قوم لوط فإنه ليس كما ظنوا لان الله تعالى قال: (كذبت قوم لوط بالنذر إنا أرسلنا عليهم حاصبا) إلى قوله تعالى: (فذوقوا عذابي ونذر) وقال تعالى: (إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين) وقال تعالى: (انه مصيبها ما أصابهم) الآية، فنص تعالى نصا جليا على أن قوم لوط كفروا فأرسل عليهم الحاصب فصح أن الرجم الذي أصابهم لم يكن للفاحشة وحدها لكن للكفر ولها فلزمهم أن لا يرجموا من فعل فعل قوم لوط إلا أن يكون كافرا وإلا فقد خالفوا حكم الله تعالى فأبطلوا احتجاجهم بالآية إذ خالفوا حكمها، وأيضا فان الله تعالى أخبر أن امرأة لوط أصابها ما أصابهم وقد علم كل ذي مسكة عقل أنها لم تعمل عمل قوم لوط فصح أن ذلك حكم لم يكن لذلك العمل وحده بلا مرية * (فان قالوا): أنها كانت تعينهم على ذلك العمل (قلنا): فارجموا كل من أعان على ذلك العمل بدلالة أو قيادة والا فقد تناقضتم وأبطلتم احتجاجكم بالقرآن وخالفتموه، وأيضا فان الله تعالى أخبر أنهم راودوه عن ضيفه فطمس أعينهم فيلزمهم ولا بد أن يسملوا عيون فاعلي فعل قوم لوط لان الله تعالى لم يرجمهم فقط لكن طمس أعينهم ثم رجمهم، فإذ لم يفعلوا هذا فقد خالفوا حكم الله تعالى فيهم وأبطلوا حجتهم، ويلزمهم أيضا ان يطمسوا عيني كل من راود آخر. ويلزمهم أيضا أن يحرقوا بالنار من نقص المكيال والميزان لان الله تعالى أحرق بالنار قوم شعيب في ذلك. ويلزمهم أن يقتلوا من عقر ناقة آخر لان الله تعالى أهلك قوم صالح إذ عقروا الناقة إذ لا فرق بين عذاب الله تعالى قوم لوط بطمس العيون والرجم إذ أتوا تلك الفاحشة وبين إحراق قوم شعيب إذ بخسوا المكيال والميزان وبين إهلاكه قوم صالح إذ عقروا الناقة قال الله تعالى: (ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها) إلى آخر السورة،