بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " إنما هو نهي أن يكفروا ابتداء وعن أن يرتدوا فقط لا انهم بقتل بعضهم بعضا يكونون كفارا وهذا بين لا خفاء به وبالله تعالى التوفيق * وكل من أقحم في هذه الآية ان قوله تعالى حاكيا عن القائلين (إنما نحن فتنة فلا تكفر) ان مرادهما لا تكفر بتعلمك ما نعلمك فقد كذب وزاد في القرآن ما ليس فيه وما لا دليل عليه أصلا، ثم صرنا إلى قوله تعالى: (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه) فوجدنا هذا أبعد من أن يكون لهم فيه شبهة يموهون بها من كل ما سلف لأنه لم يختلف أحد من أهل السنة في أن من فرق بين امرأة وزوجها لا يكون كافرا بذلك بل قد وجدنا المالكيين. والحنيفيين يفرقون بين المرء وزوجه بما لم يأذن الله تعالى به قط ولا رسوله صلى الله عليه وسلم كالشروط الفاسدة. والتخيير. والتمليك والعناية. وعدم النفقة، وأعجب من ذلك كله إباحة الحنيفيين لمن طالت يده من الفساق. ولمن قصرت يده منهم أن يأتي إلى من عشق امرأة رجل من المسلمين أن يحمل السوط على ظهره حتى ينطق بطلاقها مكرها فإذا اعتدت أكرهها الفاسق على أن تتزوجه بالسياط أيضا حتى تنطق بالرضا مكرهة فكان ذلك عندهم نكاحا طيبا وزواجا مباركا وطئا حلالا يتقرب به إلى الله تعالى وتالله ما في الذي شنعه الله تعالى من التفريق بين المرء وزوجه أعظم إثما ولا أشنع حراما ولا أبعد من رضاء الله تعالى ولا أدنى من رأى إبليس ومن الشياطين من هذا التفريق الذي أمضوه وأجازوه ونسأل الله إلى العافية من مثل هذا وشبهه وقد نجد النمام يفرق بين المرء وزوجه فلا يكون بذلك كافرا فمن أين وقع لهم أن يكفروا الساحر بذلك؟ فبطل تعلقهم بهذا النص جملة وهكذا القول في قوله تعالى:
(وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) إذ ليس كل ما ضر المرء يكون به كافرا بل يكون عاصيا لله تعالى لا كافرا ولا حلال الدم، ثم صرنا إلى قوله تعالى: (ولقد علموا لمن اشتراه) إلى قوله تعالى: (لو كانوا يعلمون) فوجدناهم لا حجة لهم في تكفير الساحر ولا في إباحة دمه أصلا لأن هذه الصفة قد تكون في مسلم باجماعهم معنا كما روينا من طريق مسلم نا شيبان بن فروخ نا جرير بن حازم نا نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخر " * قال أبو محمد رحمه الله: وهم لا يختلفون في أن لباس الحرير ليس كفرا ولا يحل قتل لابسه فبطل تعلقهم بهذه الآية ولله الحمد، فنظرنا أن يكون لهم في الآية متعلق أصلا ولا في شئ من القرآن. ولا من السنن الصحاح. ولا في السنن الواهية