خطأ من دية النفس ولا من الغرة شيئا * قال أبو محمد رحمه الله: فان عجزت العاقلة فالدية. والغرة على جميع المسلمين في سهم الغارمين من الزكاة لأنهم غارمون فحقهم في سهم الغارمين بنص القرآن، ولان رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بالدية على أوليائها * وبرهان آخر وهو أن الأموال محرمة إلا بنص أو اجماع، وقد صح النص واجماع أهل الحق على أن العاقلة تغرم الدية، ولم يأت نص ولا اجماع بان القاتل يغرم معهم شيئا فلم يحل أن يخرج من ماله شئ، وبالله تعالى التوفيق * قال أبو محمد رحمه الله: والعجب من احتجاجهم بعمر رضي الله عنه وهم قد خالفوه في هذا المكان نفسه وفي غيره فمها حضرنا ذكره من ذلك ما رويناه عن معمر عن قتادة أن رجلا فقأ عين نفسه خطأ فقضى له عمر بن الخطاب بالدية فيها على العاقلة وهم لا يقولون بهذا * 2143 مسألة كم يغرم كل رجل من العاقلة؟ * قال أبو محمد رحمه الله:
قد قلنا: من العاقلة، ثم وجب النظر أيدخل فيها الصبيان والمجانين والنساء والفقراء أم لا؟ فنظرنا في ذلك بعون الله تعالى فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم إنما قضى بالدية على العصبة وليس النساء عصبة أصلا ولا يقع عليهن هذا الاسم والأموال محرمة إلا بنص أو اجماع ولا نص ولا اجماع في إيجاب الغرم على نساء القوم في الدية التي تغرمها العاقلة، ثم نظرنا في الفقراء فوجدنا الله تعالى يقول: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (ولينفق ذو سعة من سعته) إلى قوله: (الا ما آتاها) فهذا عموم في كل نفقة في بر يكلفها المرء لا يجوز أن يخص بهذا الحكم نفقة دون نفقة لأنها قضية قائمة بنفسها فلا يحل القطع لاحد بان الله تعالى إنما أراد بذلك ما قبلها خاصة فصح يقينا أن الفقراء خارجون مما تكلفه العاقلة، ثم نظرنا في الصبيان والمجانين فوجدنا اسم عصبة يقع عليهم ولم نجد نصا ولا اجماعا على اخراجهم عن هذه الكلفة بل قد وجدنا أحكام غرامات الأموال تلزمهم كالزكاة التي قد صح النص بايجابها عليهم وأجمع الحاضرون من المخالفين معنا على أن زكاة ما أخرجت الأرض والثمار عليهم وان زكاة الفطر عليهم وان النفقات على الأولياء والأمهات عليهم ولم نحتج بهذا لأنفسنا لكن على المخالفين لنا لأنهم يزعمون أنهم أصحاب قياس وقد أجمعوا على وجوب كل ما ذكرناه في أموال الصبيان والمجانين فما الفرق بين لزوم النفقات والزكوات لهم وبين لزوم الدية مع سائر العصبة لهم؟ لا سيما وهم يرون الدية في مال الصبي والمجنون إذا قتل ويرون