كدعاء بعضنا بعضا باق أبدا على المسلم والكافر، فقد علمنا أن قوله الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " اعدل يا محمد " كان ردة صحيحة لأنه لم يوقره ولا عظمه كما أمر ورفع صوته عليه فحبط عمله ولو أن مسلما أو ذميا يقول لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فمن دونه اعدل يا أبا بكر لما كان فيه شئ من النكرة ولا من الكراهة واليهود ان قالوا لنا السام عليكم أو قالوا الموت عليكم لقلنا لهم صدقتم ولا خفاء في هذا، وكذلك لو خاصمونا في حق يدعونه فرفعوا أصواتهم علينا ما كان في ذلك نكرة وهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الاسلام وغيرهم كفر ونقض للذمة، وكذلك إذا سحرنا ساحر مسلم أو كافر فلم يزد على أن كاذنا كيدا لا يفلح معه قال الله تعالى: (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) وليس بالكيد تنتقض الذمة لأنهم لم يفارقوا به الصغار وهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قصد به كفرا ونقض للذمة لأنه خلاف التعظيم المفترض له خاصة دون غيره وكذلك سم الطعام لنا ليس فيه إلا إفساد مال من أموالنا إن كان لنا أو كيد من فاعله إن كان الطعام له وليس بافساد المال والكيد تنتقض الذمة ولا يكفر بذلك أحد إلا من عامل بذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة فهو كفر ونقض للذمة لأنه خلاف التعظيم المفترض له علينا وعلى جميع أهل الأرض جنها وإنسها وكذلك لو أن مسلما أو ذميا لم يسلم لحكم حكم به أبو بكر رضي الله عنه فمن دونه باجتهاده فيما لا نص فيه ولا إجماع ولا رضى بذلك القول لم يكن عليه في ذلك حرج ولا إثم ولو أنهما لم يسلما لحكم حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان ذلك كفرا من المسلمين بنص القرآن واخراجا لهم عن الايمان ولكان ذلك نقضا للذمة من الذمي لأنه خروج عن الصغار وطعن في الدين وهذا بين ولله الحمد كثيرا * تم الجزء الحادي عشر من كتاب المحلى لابن حزم وبه تم الكتاب والحمد لله أولا وآخرا وأسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ابراز كتب مفيدة تنفع المسلمين كما وفقنا لغيره من الكتب النافعة وصلى الله على محمد وآله وصحبه ومن عمل بشرعه من العالمين اللهم آمين آمين
(٤١٨)