دعوى الدم المجردة على القسامة في شئ من أحكامها الا في عدد الايمان فقط، فظهر بذلك باطل قولهم، والقول عندنا هو ما قلناه من أن البينة في الدعاوي كلها دماء كانت أو غيرها سواء سواء، واليمين في كل ذلك سواء يمين واحدة فقط على من ادعى عليه الا في الزنا والقسامة ففي الزنا أربعة من الشهود فصاعدا لا أقل للنص الوارد في ذلك خاصة وفي القسامة خمسون يمينا لا أقل للنص الوارد في ذلك ويبقى كل ما عدا ذلك على عموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. " بينتك أو يمينه ليس لك الا ذلك " وعلى قوله صلى الله عليه وسلم: " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على من ادعى عليه فلا يخرج من هذا الا ما أخرجه النص، ثم نظرنا في قول من قال: ان القسامة تكون بدعوى المريض أن فلانا قتله فلم نجد لهم شبهة أصلا الا ما ناه أحمد بن عمر نا عبد الله بن الحسين بن عقال نا إبراهيم بن محمد الدينوري نا محمد ابن أحمد بن الجهم نا إسماعيل بن إسحاق نا ابن أبي أويس نا أخي عن سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان أخبرني ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز دعاه فقال له؟ ما عندك في هذه القسامة: فقلت له: كانت من أمر الجاهلية فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظيما للدماء وجعلها سترة لدمائهم ولكن من سنتها وما بلغنا فيها أن القتيل إذا تكلم برئ أهله وأن لم يتكلم حلف المدعى عليهم وذلك فعل عمر بن الخطاب وأن ذلك الذي أدركنا الناس عليه * قال أبو محمد: أن أهل هذه المقالة أكثروا واتوا بما ينسى آخره أوله حتى يغتر الجاهل فيظن أنهم اتوا بشئ وهم لم يأتوا بشئ أصلا وهذا سند فاسد لأنه مرسل وفي اسناده أبو بكر بن أبي أويس وقد خرج عنه البخاري الا ان الموصلي الحافظ الأسدي ذكر ان يوسف بن محمد اخبره ان ابن أبي أويس كان يضع الحديث وهذه عظيمة الا أن الارسال يكفي في هذا الخبر ولو صح مسندا لم يكن لهم فيه متعلق لأنه ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قضى بالقسامة فيما يدعيه المقتول وإنما فيه انها كانت من أمر الجاهلية فاقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظيما للدماء ونحن لا ننكر هذا فإذا لم يكن عن النبي عليه السلام فلا حجة فيه، وأن المالكيين مخالفون لهذا الحكم ولا يرون فيه قسامة أصلا إذا لم يتكلم * وذكروا ما ناه عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب نا محمد ابن يحيى بن عبد الله نا أبو معمر البصري نا عبد الوارث نا فطر أبو الهيثم نا أبو يزيد المدني عن عكرمة عن ابن عباس قال: أول القسامة كانت في الجاهلية كان رجل من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى فانطلق معه في إبله فمر
(٧٨)