قال أبو محمد رحمه الله: ويلزمهم أن لا يوجبوا القطع على من سرق كتب العلم وهذا خطأ بل القطع في كل ذلك واجب، وبالله تعالى التوفيق * 2274 - مسألة - سراق اختلف الناس في وجوب القطع عليهم * قال أبو محمد رحمه الله: قال أبو حنيفة. وأصحابه لا يقطع من سرق صليبا أو وثنا ولو كان من فضة. أو ذهب قال: فان سرق دراهم فيها صور أصنام أو صور صلبان فعليه القطع لان ذلك يعبد وهذا لا يعبد * قال أبو محمد رحمه الله: وهذا خطأ. وتناقض. واحتجاج فاسد، أما الخطأ فاسقاط الحد الذي افترض الله تعالى من القطع على السارق، وإنما وجب القطع على سارق الصليب لأنه سرق جوهرا لا يحل له أخذه، وإنما الواجب فيه كسره فقط وأما ملك جوهره فصحيح، ولا فرق بينه وبين من سرق إناء ذهب وإناء فضة والنهي قد صح عن اتخاذ آنية الفضة والذهب كما صح عن اتخاذ الصليب والوثن ولا فرق والقطع واجب في كل ذلك لأنه لم يسرق الصورة ولا شكل الاناء وإنما سرق الجسم الحلال تملكه وإنما الواجب في الآنية المذكورة. والصلبان. والأوثان الكسر فقط فإن كان الصليب. أو الوثن من حجر لا قيمة له أصلا بعد الكسر فلا قطع فيه أصلا لما ذكرناه قبل من قول عائشة رضي الله عنها أن يد السارق لم تكن تقطع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشئ التافه وسنستقصي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى في كلامنا في مقدار ما يقطع فيه السارق، وأما التناقض فظاهر أيضا لأنه لا فرق بين صورة وصورة بلا برهان وكلاهما محرم تصويره ومتوعد عليه بالعذاب الشديد يوم القيامة، وأما فساد احتجاجه بأن الصليب يعبد والصورة التي في الدراهم لا تعبد فان الهند يعبدون البقر كما يعبد النصارى الصليب ويعظمونها كما يعظم الصليب ولا فرق فيلزمه أيضا أن لا يقطع في سرقة البقر (فان قالوا): اننا نحن لا نعبدها (قلنا لهم): واننا نحن أيضا لا نعبد الصليب ولا نعظمه، والحمد لله رب العالمين، والعجب كل العجب من اسقاط أبي حنيفة القطع عن سارق الصليب وهو يقتل المسلم إذا قتل عابد الصليب فلئن كان لعابد الصليب من الحرمة عندهم ما يستباح به دم المسلم فان لمال عابد الصليب من الحرمة ما تستباح به يد سارقه والصليب مال من ماله هذا على أن النهي قد صح أن لا يقتل مؤمن بكافر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وعن الله تعالى في القرآن إذ يقول: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) وإذ يقول تعالى: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون) ولم يأت نهي قط عن قطع يد من سرق مال كافر ذمي بل أمر الله تعالى
(٣٣٨)