أن يفعلها قصاصا على ما قدمنا قبل، وهذا أيضا مندوب إلى العفو عن كل ذلك وعن بعضها فأي حقه فعل فذلك له وأي حقه ترك فذلك له، وقال الشافعي: له أن يقطع ذراعه ويخيفه على أن يقتله واما على أن لا يقتله فلا * قال أبو محمد رحمه الله: وهذا خطأ لأنه تخصيص لا برهان له به، فان قال في ذلك تعذيب له قلنا: نعم فكان ماذا؟ وإذا أباح له تعذيبه فاتى ببعض ما أبيح له وعفا عن البعض فقد أحسن في كل ذلك ولم يتعد وما وجدنا الله تعالى قط الزم استيفاء الحق كله ومنع من العفو عن بعضه، بل قد صح النص بخلاف قول الشافعي جملة وهو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين إذ قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم قصاصا بما فعلوا بالرعاء وتركهم بالحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا، وقد قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقد ذكرنا هذا الحديث باسناده فيما سلف من كتابنا هذا فأغنى عن ترداده، وأبطلنا قول من قال كاذبا ان هذا كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كانت المثلة مباحة وبالله تعالى التوفيق * 2137 - مسألة - قال أبو محمد رضي الله عنه: من قطع أصبع آخر عمدا فسأل القود أقدنا له من حينه على ما ذكرنا قبل فان تأكلت اليد فذهبت وبرئ فله القود من اليد لأنها تلفت بعدوان وظلم، وكذلك لو جرحه موضحة عمدا فذهبت منها عيناه اقتص له من الموضحة ومن العينين معا، وهكذا في كل شئ فلو مات منها قتل به لان كل ذلك تولد من جناية عدوان، وقال الشافعي: اما تعجيل القصاص من الإصبع والموضحة فنعم فان مات بعد ذلك فالقود في النفس واجب أيضا وأما ذهاب العينين واليد فقط فإنما في ذلك الدية فقط، قال أبو محمد رحمه الله: وهذا خطأ ومناقضة ظاهرة ولا فرق بين ما تولد عن جنايته من ذهاب نفس أو ذهاب عضو إذ لم يفرق بين شئ من ذلك نص قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا نظر ولا قياس ولا قول صاحب، فلو أن المجني عليه قطع كف نفسه، خوف سرى الاكلة فلا ضمان على الجاني لان ذهاب اليد كان باختيار قاطعها لا من فعله ولعلها لو تركها تبرأ فلو قطع انسان أنملة لها طرفان فان قطع كل طرف في أصله قطع من يده أنملتان كذلك فلو قطع في الإصبع قبل افتراق الأنملتين قطع له من ذلك الموضع فقط ولا مزيد ولا أرش له في الأنملة الثانية لان الله تعالى يقول: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فالواجب أن يوضع منه الحديد حيث وضع ويذاق من الألم ما أذاق ولا مزيد قال الله تعالى: (ولا تعتدوا إن الله لا يجب المعتدين) وقال الشافعي: له في الإصبع القود وله في الإصبع الزائدة حكومة * قال أبو محمد رحمه الله: الحكومة
(٤٣)