في أمره تعالى بالحكم بشهادة العدول وبالله تعالى التوفيق * فان شهدت كلتا الطائفتين على الأخرى معا لم تسبق احدى الشهادتين الأخرى إما عند حاكمين وإما في عقدين عند حاكم واحد فهما أيضا شهادتان قائمتان صحيحتان فان كلتا الشهادتين تبطل بيقين لا شك فيه لأنه ليست إحداهما بأولى بالقبول من الأخرى فلو قبلناهما معا لكنا قد صرنا موقنين بأننا ننفذ الشهادة الآن دأبا حكما بشهادة فساق لان كل شهادة منهما توجب الفسق والجرحة على الأخرى والمنع من قبول الشهادة الأخرى، ولو حكمنا بإحدى الشهادتين على الأخرى مطارفة لكان هذا عين الظلم والجور إذ لم يوجب ترجيح إحداهما على الأخرى نص ولا اجماع، ومن أراد أن يرجح الشهادة ها هنا بأعدل البينتين أو بأكثرهما عددا فهو خطأ من القول لأنه لم يوجب الله تعالى قط شيئا من ذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وسلم ولا أجمعت الأمة عليه، والحكم بمثل هذا لا يجوز * 2175 - مسألة - من شهد في حد بعد حين * قال أبو محمد رحمه الله: نا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر ثنا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى بن معاوية ثنا وكيع نا مسعر بن كدام عن أبي عون - هو محمد بن عبد الله الثقفي - قال عمر بن الخطاب: من شهد على رجل بحد لم يشهد به حين أصابه فإنما يشهد على ضغن، قال علي: نا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب قال: بلغني عن ربيعة أنه قال في رجل زنى في صباه واطلع على ذلك رهط عدول فلم يرفعوا أمره ولبث بذلك سنين وحسنت حالته ثم نازع رجلا فرماه بذلك وأتى على ذلك بالبينة واعترف فإنه يرجم، لا يضع الحد عن أهله طول زمان ولا أن يحدث صاحب ذلك حسن هيئة، قال ابن وهب:
يريد بصباه سفهه بعد الاحتلام * قال أبو محمد رحمه الله: وقال أبو حنيفة. وأصحابه: ان شهد أربعة عدول أحرار مسلمون بالزنا بعد مدة فلا حد عليه * قال أبو يوسف: مقدار المدة المذكورة شهر واحد، وقالوا: ان شهد عليه عدلان مسلمان حران بسرقة بعد مدة فلا قطع عليه لكن يضمن ما شهد عليه بأنه سرقه ولو شهدا عليه بشرب خمر، فان كانت الشهادة وريح الخمر توجد منه أو وهو سكران أقيم عليه الحد وان كانت تلك الشهادة بعد ذهاب الريح أو السكر فلا حد عليه إلا أن يكونوا حملوه إلى الامام في مصر آخر فزال الريح أو السكر في الطريق فإنه يحد، ولو شهد عليه بعد مدة طويلة بقذف أو جراحة حد للقذف ووجب عليه حكم تلك الجراحة، وقال الشافعي. وأصحابه وأصحابنا: يقام عليه الحد في كل ذلك، وقال الأوزاعي. والليث. والحسن بن حي مثل ذلك *