الميل إلى الكفار فكانوا منهم كفارا خائبي الاعمال ولا يكونون في الأغلب الا معروفين لكن قوله تعالى: (فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) دليل على ندامتهم على ما سلف منهم وأن التوبة لهم معرضة على ما في الآية التي ذكرنا قبل هذه، وبالله تعالى التوفيق * وقال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) إلى قوله تعالى: (لا تعلمهم نحن نعلمهم) * قال أبو محمد: فهذه في المنافقين بلا شك، وقد نص الله تعالى على أن المسلمين لا يعلمونهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطب بهذا الخطاب مع المسلمين بلا شك فهو لا يعلمهم، والله تعالى يعلمهم، وقال تعالى: (لو كان عرضا قريبا وسفر قاصدا لاتبعوك) إلى قوله تعالى: (كارهون) * قال أبو محمد رحمه الله: ليس في أول الآية الا أنهم يحلفون كاذبين وهم يعلمون كذبهم في ذلك وأنهم يهلكون أنفسهم بذلك وهذه صفة كل عاص في معصيته، وفي الآية أيضا معاتبة الله تعالى نبيه عليه السلام على إذنه لهم، وأما قوله تعالى:
(لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر) إلى قوله تعالى: (يترددون) فان وجه هذه الآية التي يجب أن لا تصرف عنه إلى غيره بغير نص، ولا اجماع أنه في المستأنف لان لفظها لفظ الاستقبال، ولا خلاف في هذه الآية أنها نزلت بعد تبوك ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تبوك غزوة أصلا ولكنها نقطع على أنها لو كانت هنالك غزوة بعد تبوك وبعد نزول الآية فاستأذن قوم منهم النبي صلى الله عليه وسلم في القعود دون عذر لهم في ذلك لكانوا بلا شك مرتابة قلوبهم كفارا بالله تعالى وباليوم الآخر مترددين في الريب فبطل تعلقهم بهذه الآية، ثم قوله تعالى: (ولو أرادوا الخروج لاعدوا له عدة) إلى قوله تعالى. (كارهون) فهذه أخبار عما خلا لهم وعن سيأت اقترفوها وليس فيها شئ يوجب لهم الكفر حتى لو كانوا معروفين بأعيانهم وبالله تعالى التوفيق * وقوله تعالى: (ومنهم من يقول ائذن لي) إلى قوله تعالى: (وهم فرحون) * قال أبو محمد رحمه الله. قد قيل: إن هذه الآية نزلت في الحر بن قيس وهذا لا ينسند البتة وإنما هو منقطع من أخبار المغازي ولكن على كل حال يقال: هذا كان معروفا بلا شك وليس في الآية أنه كفر بذلك ولكنه عصى و (1) وأذنب، وبلى إن جهنم لمحيطة بالكافرين ولا يجوز أن يقطع بهذا النص على أن ذلك القائل كان من الكافرين، وأما الذي أخبر الله تعالى بأنه ان أصابت رسوله عليه السلام سيئته ومصيبته تولوا