كله عليهم لا لهم، ولئن كان ذلك الخبر حجة فلقد خالفوه في ثلاثة مواضع وما فيه لهم حجة أصلا في شئ لان قول ذلك المقتول لم يتبين بشاهدين وإنما أتى به رجل واحد وهم لا يرون القسامة في مثل هذا وان أبا طالب بدأ المدعى عليهم بالايمان وهم لا يقولون بهذا وان أبا طالب أقر أن ذلك القرشي قتل الهاشمي خطأ ثم قال: له فان أبيت من الدية أو من أن يحلف خمسون من قومك قتلناك به وهم لا يرون القود في قتل الخطأ فمن العجب احتجاجهم بخبر هم أول مخالف له، وأما نحن فلا ننكر أن تكون القاسمة كانت في الجاهلية في القتيل يوجد فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك بل هذا حق عندنا لصحة الخبر بذلك وبالله تعالى التوفيق * وذكروا أيضا - وهو من غامض اختراعهم - قول الله تعالى بعد أمره بني إسرائيل بذبح البقرة: (وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى) وذكروا مع هذه الآية ما ناه أحمد بن عمر بن أنس العذري عن عبد الله بن الحسين بن عقال الزبيري نا إبراهيم بن محمد الدينوري نا محمد بن الجهم نا أبو بكر الوزان نا علي بن عبد الله - هو ابن المديني - نا يحيى بن سعيد القطان نا ربيعة بن كلثوم نا أبي عن سعيد بن جبير ان ابن عباس قال: ان أهل مدينة من بني إسرائيل وجدوا شيخا قتيلا في أصل مدينتهم فاقبل أهل مدينة أخرى فقالوا: قتلتم صاحبنا وابن أخ له شاب يبكى ويقول:
قتلتم عمي فاتوا موسى عليه السلام فأوحى الله تعالى إليه أن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فذكر حديث البقرة بطوله قال: فاقبلوا بالبقرة حتى انتهوا بها إلى قبر الشيخ وهو بين المدينتين وابن أخيه قائم عند قبره يبكي فذبحوها فضرب ببضعة من لحمها القبر فقام الشيخ ينفض رأسه ويقول: قتلني ابن أخي طال عليه عمري وأراد أكل مالي ومات * وبه إلى ابن الجهم نا محمد بن سلمة نا يزيد بن هارون نا هشام عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني قال: كان في بني إسرائيل عقيم لا يولد له وكان له مال كثير وكان ابن أخيه وارثه فقتله ثم احتمله ليلا حتى أتى به حي آخرين فوضعه على باب رجل منهم ثم أصبح يدعيه عليهم فاتوا موسى عليه السلام فقال: ان الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فذكر حديث البقرة فذبحوها فضربوه ببعضها فقام فقالوا: من قتلك؟ فقال: هذا لابن أخيه ثم مال ميتا فلم يعط ابن أخيه من ماله شيئا ولم يورث قاتل بعد * وبه إلى ابن الجهم نا الوزان نا علي بن عبد الله نا سفيان بن سوقة قال:
سمعت عكرمة يقول: كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا لكل سبط باب فوجدوا قتيلا قتل على باب فجروه إلى باب آخر فتداعوا قتله وتداري الشيطان فتحاكموا