البغي بأمثالهم من المسلمين الفجار الذين لا خلاق لهم، وأيضا فان الفاسق مفترض عليه من الجهاد ومن دفع أهل البغي كالذي افترض على المؤمن الفاضل فلا يحل منعهم من ذلك، بل الغرض أن يدعوا إلى ذلك، وبالله تعالى التوفيق * 2159 مسألة قال أبو محمد رحمه الله: ولو أن رجلا من أهل العدل قتل في الحرب رجلا من أهل العدل، ثم قال: حسبته من أهل البغي فإن كان ما يقول ممكنا فالقول قوله مع يمينه ثم يضمن ديته في ماله لأنه لم يقتله خطأ بل قتله عمدا قصدا إلى قتله إلا أنه لم يعلم أنه حرام الدم فلذلك لم يقد منه، وإن لم يمكن ما قال فعليه القود أو الدية باختيار أولياء المقتول، وهكذا القول سواء سواء إذا قتله في أرض الحرب ولا فرق، وكذلك لو رجع الينا بعض أهل البغي تائبا فقتله رجل من أهل العدل وقال: اني ظننته دخل ليطلب غرة فان نكل هؤلاء عن اليمين حبسوا حتى يحلفوا ولابد لان اليمين قد وجبت عليهم ولا قود أصلا لأنه لم يثبت عليهم ما يوجب الوقد من التعمد وهم عالمون، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا كانت جماعة من أهل العدل والسنة في عسكر الخوارج وأهل البغي فقتل بعضهم بعضا عمدا. وجرح بعضهم بعضا عمدا، وأخذ بعضهم مال بعض عمدا فلا شئ في ذلك لا قود ولادية غلب أهل الجماعة والإمام العدل عليهم بعد ذلك أو لم يغلبوا * قال أبو محمد رحمه الله: ما لهذا القول جواب إلا أنه حكم إبليس، ووالله ما ندري كيف انشرحت نفس مسلم لاعتقاد هذا القول المعاند لله تعالى ولرسوله عليه السلام، أو كيف انطلق لسان مؤمن يدري أن الله تعالى أمره ونهاه بهذا القول السخيف، ونسأل الله تعالى عافية كاملة كأن أصحاب هذا القول لم يسمعوا ما أنزل الله تعالى من وجوب القصاص في النفوس والجراح ومن تحريم الأموال في القرآن وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ما نعلم فيه لأبي حنيفة سلفا لا من صاحب ولا من تابع، ونبرأ إلى الله تعالى من هذا القول فإنما موهوا بما روي من حديث عبيد الله بن عمر كما ثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الاعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وذكر قتل عمر قال: فأخبرني سعيد بن المسيب ان عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ولم نجرب عليه كذبة قط، قال حين قتل عمر بن الخطاب انتهيت إلى الهرمزان. وجفينة. وأبي لؤلؤة وهم بحي فتبعتهم فثاروا وسقط من بينهم خنجر له رأسان نصابه في وسطه * وقال عبد الرحمن فانظروا بما قتل به عمر فوجدوه خنجرا على النعت الذي نعت عبد الرحمن فخرج عبيد الله بن عمر بن الخطاب مشتملا على السيف حتى أتى الهرمزان فقال اصحبني
(١١٤)