ثم نظرنا في قول من لم ير في ذلك حدا فوجدناهم يحتجون بقول الله تعالى: (ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون) إلى قوله: (إلا من تاب) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنا بعد إحصان أو نفسا بنفس " وقال عليه السلام: " ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام " فحرم الله تعالى دم كل امرئ مسلم وذمي إلا بالحق ولا حق الا في نص. أو اجماع، وحرم النبي صلى الله عليه وسلم الدم إلا بما أباحه به من الزنا بعد الاحصان.
والكفر بعد الايمان. والقود. والمحدود في الخمر ثلاثا. والمحارب قبل أن يتوب وليس فاعل فعل قوم لوط واحدا من هؤلاء فدمه حرام الا بنص أو اجماع وقد قلنا أنه لا يصح أثر في قتله نعم ولا يصح أيضا في ذلك شئ عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم لان الرواية في ذلك عن أبي بكر. وعلي. والصحابة إنما هي منقطعة. وإحداها عن ابن سمعان عن مجهول.
والأخرى عمن لا يعتمد عل روايته، وأما الرواية عن ابن عباس. فإحداهما عن معاذ بن الحرث عن عبد الرحمن بن قيس الضبي عن حسان بن مطر - وكلهم مجهولون - والرواية عن ابن الزبير.
وابن عمر مثل ذلك عن مجهولين فبطل أن يتعلق أحد في هذه المسألة عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم بشئ يصح، وأما من رأى دون الحد فالحكم بن عتيبة * قال أبو محمد رحمه الله: فإذ قد صح ذلك أنه لا قتل عليه ولا حد لان الله تعالى لم يوجب ذلك ولا رسوله عليه السلام فحكمه انه أتى منكرا فالواجب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيير المنكر باليد فواجب أن يضرب التعزير الذي حده رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك لا أكثر ويكف ضرره عن الناس فقط كما روينا من طريق البخاري نا مسلم بن إبراهيم نا هشام - هو الدستوائي - نا يحيى - هو ابن أبي كثير - عن عكرمة عن ابن عباس قال " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم وأخرج فلانا وأخرج فلانا " وأما السجن فلقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) وبيقين يدرى كل ذي حس سليم أن كف ضرر فعلة قوم لوط الناكحين والمنكوحين عن الناس عون على البر والتقوى وأن إهمالهم عون على الاثم والعدوان فوجب كفهم بما لا يستباح به لهم دم. ولا بشرة. ولا مال * قال أبو محمد رحمه الله: فان شنع بعض أهل القحة والحماقة أن يقول إن ترك قتلهم ذريعة إلى هذا الفعل (قيل لهم) وترككم أن تقتلوا كل زان ذريعة إلى إباحة الزنا منكم وترككم أن تقتلوا المرتد وان تاب تطريق منكم وذريعة إلى إباحتكم الكفر. وعبادة الصليب. وتكذيب القرآن. والنبي عليه السلام. وترككم قتل آكل الخنزير. والميتة.