قال أبو محمد: وهذا مكان عظمت فيه غفلة من أغفله لان القذف لا يخلو من أحد أوجه ثلاثة لا رابع لها، إما أن يكون صادقا، وقد صح صدقه فلا خلاف في أنه لا حد عليه، أو يكون ممكنا صدقه وممكنا كذبه فهذا عليه الحد بلا خلاف لامكان كذبه فقط ولو صح صدقه لما حد أو يكون كاذبا، قد صح كذبه فالآن حقا طابت النفس على وجوب الحد عليه بيقين إذ المشكوك في صدقه أو كذبه لابد له من أحدهما ضرورة فلو كان صادقا لما صح عليه حد أصلا فصح يقينا إذ قد سقط الحد عن الصادق أنه باق على الكذب إذ ليس الا صادقا أو كاذبا، وهذا في غاية البيان والحمد لله رب العالمين * 2229 - مسألة - كافر قذف مسلما أو كافرا * قال أبو محمد: قد ذكرنا وجوب الحد على من قذف كافرا فإذا قذف الكافر مسلما فقد ذكرنا فيما سلف من كتابنا هذا وجوب الحكم على الكفار بحكم الاسلام لقول الله تعالى: (وان احكم بينهم بما أنزل الله) وبقوله تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) وقد ذكرنا وجوب قتل من سب مسلما من الكفار لنقضهم العهد وفسخهم الذمة لقول الله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فافترض الله تعالى إصغارهم فإذا خرجوا عن الصغار فلا ذمة لهم وإذا لم تكن لهم ذمة فقتلهم وسبيهم. وأموالهم حلال وإذا سبوا مسلما فقد خرجوا عن الصغار واصغروا المسلم فقد برئت الذمة ممن فعل ذلك منهم ولا ذمة له * حدثنا محمد بن سعيد بن نبات نا عبد الله بن نصر نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا موسى ابن معاوية نا وكيع نا إسحاق بن خالد قال: سألت الشعبي عن يهودية افترت على مسلم قال تضرب الحد، وبه إلى وكيع حدثنا سفيان الثوري عن طارق بن عبد الرحمن قال شهدت الشعبي ضرب نصرانيا قذف مسلما فجلده ثمانين * قال أبو محمد: اما الحد فواجب بلا شك لأنه حكم الله تعالى على كل قاذف والقتل واجب كما ذكرنا لنقض الذمة سواء كان رجلا أو امرأة لابد من قتلهما الا أن يسلما فيتركا عن القتل لا عن الحد (فان قال قائل). هلا أوقفتم المرأة ولم تقتلوها لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء؟ ولأنها إذا نقضت ذمتها بسبب المسلم فقد عادت حربية وإذا عادت حربية فلا ذمة لها فليس عليها الا الاسترقاق (قلنا): وبالله تعالى التوفيق، ان حكم الحربي قبل التذمم غير حكمه بعد نقضهم الذمة لان حكمهم قبل التذمم المقاتلة فإذ قدرنا عليهم فاما المن. وإما الفداء. وإما القتل. وإما الابقاء على الذمة هذا في الرجال وكذلك في النساء حاش القتل، وأما بعد نقض الذمة
(٢٧٤)