من التخليط: فقالوا ان قول عمر بن الخطاب للجالد في الحد: اضرب واعط كل ذي عضو حقه دليل على أن المجلود كان قائما، وقال: فدل حديث اليهوديين على أن الرجل كان قائما وانها كانت قاعدة * قال أبو محمد رحمه الله: فكل هذا عليهم لا لهم على ما نبين إن شاء الله تعالى * أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فهم أول من عصاه وخالفه وقالوا: لا يحل أن يقام حد الزنا على يهودي ولا يهودية وحملوا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على ما لم يقدموا على اطلاقه بألسنتهم إما انه على معصية الله تعالى وإما انه على انفاذ لما في التوراة مما لا يجوز لهم انفاذه وانه على كل حال لم يحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بأمر الله تعالى ولا بوحيه إليه ولا بحق يجب اتباعه فيه لا محيد لهم من هذا، فهذا الذي ظنوا من ذلك كذب بحت وما فيه دليل على أنه كان قائما ولا انها كانت قاعدة بل قد يحنى عليها وهو راكع وهو الأظهر أو وهو منكب قريب من الجلوس وهو ممكن جدا أيضا، وأما أن يحنى عليها وهو قائم وهي قاعدة فممتنع لا يمكن البتة ولا يتأتى ذلك وقد يمكن أن يكونا قائمين ويحنى عليها بفضل ما للرجل على المرأة من الطول وقد يمكن أن يكونا قاعدين * وأما حديث أبي هريرة فليس فيه ان أبا هريرة أوجب عليه أن يقوم قائما إذ جلده ولابد ولا أن المرأة بخلاف الرجل * قال أبو محمد رحمه الله: فإذ لا نص في شئ من هذا ولا اجماع فقد أيقنا أن الله تعالى لو أراد أن يكون إقامة الحد على حال لا يتعدى من قيام أو قعود أو فرق بين رجل وامرأة لبينه على لسان رسوله عليه السلام، فصح أن الجلد في الزنا والقذف والخمر والتعزيز يقام كيف ما تيسر على المرأة والرجل قياما وقعودا فان امتنع أمسك وان دفع بيديه الضرب عن نفسه مثل أن يلقى الشئ الذي يضرب به فيمسكه أمسكت يداه * 2188 - مسألة - صفة الضرب * قال أبو محمد رحمه الله: أجاز قوم أن يسال الدم في جلد الحدود والتعزيز وهو لم يأت به عن الصحابة شئ من ذلك بل قد صح عن عمر رضي الله عنه مما قد ذكرناه قبل لا تجد فاجلدها ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم، والذي نقول به بل الضرب في الزنا والقذف والخمر والتعزير أن لا يكسر له عظم ولا أن يشق له جلد ولا أن يسال الدم ولا أن يعفن له اللحم لكن يوجع سالم من كل ذلك فمن تعدى فشق في ذلك الضرب أو أسال دما أو عفن لحما أو كسر له عظما فعلى متولي ذلك القود وعلى الآمر أيضا
(١٦٩)