تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) وأما إذا لم يكن فيه إلا البغاة فقط ففرض أن يمنعوا الماء والطعام حتى ينزلوا إلى الحق وإلا فهم قاتلوا أنفسهم بامتناعهم من الحق، وكذلك يجوز أن توقد النيران حواليهم ويترك لهم مكان يتخلصون منه إلى عسكر أهل الحق لأن هذه نار أوقدناها وما أطلقناه هم قادرون على الخلاص منها أن أحبوا ولا يحل احراقهم ولا تغريقهم دون أن يتخلصوا لان الله تعالى لم يأمر بذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وإنما أمر بالمقاتلة فقط ولا يحل بأن يبيتوا إلا بأن نقبض عليهم، وأما من لم يقاتل فلا يحل قتله، وبالله تعالى التوفيق * 2162 مسألة * قال أبو محمد رحمه الله: قال قوم: ان أمان العبد والمرأة والرجل الحر جائز لأهل البغي وهذا عندنا ليس بشئ لان أمان أهل البغي بأيديهم متى تركوا القتال حرمت دماؤهم وكانوا إخواننا وما داموا مقاتلين باغين فلا يحل لمسلم اعطاؤهم الأمان على ذلك فالأمان والإجارة ههنا هدر ولغو وإنما الأمان والإجارة للكافر الذي يحل للامام قتله إذا أسروه واستبقاؤه لا في مسلم أن ترك بغيه كان هو ممن يعطى الأمان ويجير، ولو أن أحدا من أهل البغي أجار كافرا جازت ايجارته كايجارة غيره ولا فرق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يجير على المسلمين أدناهم ولو أن أهل البغي دخلوا غزاة إلى دار الحرف فواقعوا أهل العدل فقاتلوا معهم فغنموا فالغنيمة بينهم على السواء لأنهم كلهم مسلمون ومن قتل من أهل البغي قتيلا من أهل الحرب فله سلبه لأنه من جملة المخاطبين بذلك الحكم ولو ترك أهل الحرب من الكفار وأهل المحاربة من المسلمين على قوم من أهل البغي ففرض على جميع أهل الاسلام وعلى الامام عون أهل البغي وانقاذهم من أهل الكفر ومن أهل الحرب لان أهل البغي مسلمون، وقد قال الله تعالى: (نما المؤمنون اخوة) وقال تعالى: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) وقال تعالى: (أشداء على الكفار رحماء بينهم)، وأما أهل المحاربة من المسلمين فإنهم يريدون ظلم أهل البغي في أخذ أموالهم والمنع من الظلم واجب قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) فمن ترك المحارب ولم يعن المطلوب فقد أهان المحارب على أثمه وعدوانه وهذا حرام، ولو أن أهل العدل وأهل البغي توادعوا وتعاطوا الرهان فهذا لا يجوز الا مع ضعف أهل العدل على المقاتلة لقول الله تعالى: (فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) فما دمنا قادرين على المقاتلة لهم لم يحل لنا غيرها أصلا ولسنا في سعة من تركها ساعة
(١١٧)