فأمرت بجلده فقال والله لئن جلدته لاقرن على نفسي بالزنا فلما قال ذلك لي أشكل علي فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أذكر ذلك له فكتب عمر إلي أن أجز عفوه في نفسه قال زريق فكتبت إلى عمر بن عبد العزيز في الرجل يفتري عليه أبواه أيجوز عفوه عنهما؟
فكتب عمر إلي خذ له بكتاب الله تعالى الا أن يريد سترا * حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الاعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية أخبرني زريق بن حكيم أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه في رجل قذف ابنه أن أجلده الا أن يعفو ابنه عنه، قال ابن زريق فظننت أنها للأب خاصة فكتبت إلى عمر أراجعه للناس عامة أم للأب خاصة؟
فكتب إلي بل للناس عامة، وقال آخرون لا عفو في ذلك لاحد كما روينا بالسند المذكور إلى عبد الرزاق عن عمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب قال: لا عفو في الحدود عن شئ منها بعد أن تبلغ الامام فان اقامتها من السنة، وبه إلى عبد الرزاق عن معمر. وابن جريج كلاهما عن الزهري قال: إذا بلغت الحدود السلطان فلا يحل لاحد أن يعفو عنها قال ابن جريج. ومعمر - يعني الفرية - وقد روي هذا القول عن الحسن البصري، وبه يقول أبو سليمان. وأصحابنا وهو قول الأوزاعي. والحسن بن حي، وقال أبو حنيفة. وأصحابه لا يجوز العفو عن الحد في القذف وروي عن أبي يوسف في أحد قوليه. وعن الشافعي. وأصحابه. وأحمد بن حنبل. وأصحابه أن العفو في ذلك جائز قبل بلوغ الامر إلى الامام وبعد بلوغه إليه، وقال مالك فيمن قذف آخر فثبت ذلك عند الامام فأراد المقذوف أن يعفو عن القاذف قال: لا يجوز له العفو الا أن يريد سترا على نفسه خوف أن يثبت عليه ما رمى به فيجوز عفوه حينئذ قال مالك: فان أراد المقذوف أن يؤخر إقامة الحد على القاذف له أو لأبويه كان ذلك له ويأخذه به متى أحب قال فان عفا عنه ثم أراد أخذه لم يكن له أخذه به * قال أبو محمد رحمه الله: فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك فوجدنا هذا الاختلاف مرجعه إلى أحد وجهين لا ثالث لهما، إما أن يكون الحد في القذف من حقوق الله تعالى كالحد في الزنا. والحد في الخمر. والحد في السرقة. والحد في المحاربة، وإما أن يكون من حقوق الناس كالقصاص في الأعضاء. والجنايات على الأموال فإن كان الحد في القذف من حقوق الله تعالى كسائر الحدود فلا يجوز لاحد عفو فيه لأنه لا حق له فيه ولا فرق بين من سرق مال إنسان. أو زنى بأمته وافترى عليه أو بامرأة أكرهها. وسرق مالا من مالها. وافترى عليها فلم يختلفوا في أنه ليس للرجل أن يعفو عن الزنا بأمته فيسقط عنه حد الزنا بذلك ولا لهما أن يعفوا عمن