إلى أرضه كما أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال الحنفي. وأبا العاصي بن الربيع وغيرهما، أو يفادي به كما قال الله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) أو نطلقهم أحرارا ذمة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر، فهذه أحكام الحربيين بنص القرآن. والسنن الثابتة. والاجماع المتيقن ولا خلاف في أنه ليس الصلب ولا قطع الأيدي والأرجل ولا النفي من أحكامهم فبطل أن يكون المحارب المذكور في الآية حربيا كافرا وإن كان ذميا فنقض العهد فللناس فيه أقوال ثلاثة لا رابع لها: أحدها أنه ينتقل إلى حكم الحربيين في كل ما ذكرنا، والثاني أنه محارب حتى يقدر عليه فيرد إلى ذمته كما كان ولا بد، والثالث أنه لا يقبل منه الا الاسلام أو السيف، وقد فرق بعض الناس بين الذمي ينقض العهد فيصير حربيا وبين الذمي يحارب فيكون له عندهم حكم المحارب المذكور في الآية لا حكم الحربي فصح بلا خلاف أن الذمي الناقض لذمته المنتقل إلى حكم أهل الحرب ليس له حكم المحارب المذكور في الآية بلا خلاف، ويبين هذا قول الله تعالى: (فان نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر) إلى قوله: (لعلهم ينتهون) فأمر الله تعالى بقتالهم إذا نكثوا عهدهم حتى ينتهوا وهذا عموم يوجب الانتهاء عن كل ما هم عليه من الضلال وهذا يقتضي ولابد أن لا يقبل منهم الا الاسلام وحده ولا يجوز أن يخص بقوله تعالى: (حتى ينتهوا) انتهاء دون انتهاء فيكون فاعل ذلك قائلا على الله تعالى ما لا علم له به وهذا حرام، قال الله تعالى: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) وإن كان المحارب المذكور في الآية مرتدا عن اسلامه فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم المرتد بقوله: " من بدل دينه فاقتلوه " وبينه الله تعالى بقوله: (ان الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم) فصح يقينا أن حكم المرتد الذي أوجب الله تعالى في القرآن وعلى لسان رسوله عليه السلام هو غير حكمه تعالى في المحارب فصح يقينا أن المحارب ليس مرتدا، وأيضا فلا خلاف بين أحد من الأمة في أن حكم المرتد المقدور عليه ليس هو الصلب ولا قطع اليد والرجل ولا النفي من الأرض فصح بكل ما ذكرنا أن المحارب ليس كافرا أصلا إذ ليس له شئ من أحكام الكفر ولا لاحد من الكفار حكم المحارب والرواية عن ابن عباس فيها الحسن بن واقد و ليس بالقوي وهو أيضا من قول ابن عباس لا مسندا فإذ قد صح ما ذكرنا يقينا فقد ثبت بلا شك أن المحارب إنما هو مسلم عاص فإذ هو كذلك فالواجب أن ننظر ما المعصية
(٣٠٥)