حلفوا كلهم يمينا يمينا ولابد ويجبرون على ذلك أبدا * وبرهاننا على ذلك هو أن الأصل المطرد في كل دعوى في الاسلام من دم أو مال أو غير ذلك من الحقوق ولا نحاش شيئا هو ان البينة على المدعي واليمين على من ادعى عليه كما امر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: " لو أعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه "، وقوله صلى الله عليه وسلم: " بينتك أو يمينه " وهذان عامان، ولا يصح لاحد أن يخرج عنهما شيئا الا ما أخرجه نص أو اجماع ولا نص الا في القتيل يوجد فقط فمتى وجده حيا أحد من الناس فلا قسامة فيه البتة وبالله تعالى التوفيق * فان وجد لا أثر فيه فقد قلنا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما حكم في مقتول وليس كل ميت مقتولا، فان تيقنا أنه قتل بأثر وجد فيه من ضرب أو شدخ أو خنق أو ذبح أو طعن أو جرح أو كسر أو سم فهو مقتول والقسامة فيه وان تيقنا أنه ميت حتف أنفه لا أثر فيه البتة فلا قسامة لأنه ليست هي الحال التي حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقسامة وان أشكل أمره فأمكن أن يكون ميتا حتف أنفه. وأمكن أن يكون مقتولا غمه بشئ وضعه على فيه فقطع نفسه فمات فالقسامة فيه، فان قيل: لم قلتم هذا والأصل ان مات غير مقتول فلا قسامة فيه قلنا وبالله تعالى التوفيق: ان المقتول أيضا ممكن أن يكون قتل نفسه أو قتله سبع فلما كان امكان ما ذكرنا لا يمنع من القسامة لامكان أن يكون قد قتله من ادعى عليه انه قتله ووجبت القسامة لامكان أن يكون قتله من ادعى عليه أنه قتله فليس هذا قياسا فلا تكن غافلا متعسفا اننا قد قسنا أحدهما على الآخر ومعاذ الله من ذلك لكنه باب واحد كله إنما هو من وجد ميتا وادعى أولياؤه على قوم انهم قتلوه أو على واحد انه قتله وكان قتلهم له الذي ادعى أولياؤه عليهم ممكنا فهذه هي القصة التي حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينها بالقسامة ففرض علينا أن نحكم فيها (1) بالقسامة إذا أمكن أن يكون من ادعى أولياؤه حقا وإنما يبطل الحكم بالقسامة إذا أيقنا أن الذي يدعونه باطل بيقين لا شك فيه * قال أبو محمد رحمه الله: فسواء وجد القتيل في دار أعداء كفار أو أعداء مؤمنين أو أصدقاء كفار أو أصدقاء مؤمنين أو في دار أخيه أو ابنه أو حيث ما وجد فالقسامة في دلك وهو قول ابن الزبير. ومعاوية بحضرة الصحابة رضي الله عنهم لا يصح خلافهما عن أحد من الصحابة لأنهما حكما بالقسامة في إسماعيل بن هبار وجد مقتولا
(٨٤)