آتي البهيمة آتي ما لا يحل له أبدا فقد ساوى فعل قوم لوط في هذه العلة التي عللتم بها قولكم فهلا جعلتم فيه أغلظ الحدود في الزنا أيضا ولا فرق ثم رجعنا إلى قولهم إن فعل قوم لوط أعظم الزنا فنقول لهم: أننا قد أوضحنا أن الزنا باللغة. وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقع على فعل قوم لوط وقد بينا أنه ليس زنا ولا أعظم من الزنا لان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الذنب أعظم؟ فقال: كلاما - معناه الشرك ثم قتل المرء ولده مخافة أن يطعم معه ثم الزنا بحليلة الجار - فصح أن الزنا بحليلة الجار أعظم من فعل قوم لوط بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يحل لاحد رده، وبالله تعالى التوفيق * 2302 مسألة - الشهادة فيما ذكرنا * قال أبو محمد رحمه الله: اختلف الناس قال قوم منهم الشافعي. وقوم من أصحابنا: أنه لا يقبل في فعل قوم لوط وإتيان البهيمة أقل من أربعة شهود، وقال أبو حنيفة. وأصحابه: يقبل في ذلك اثنان * قال أبو محمد: أما من جعل هذين الذنبين زنا فقد طرد أصله وقد أوضحنا بالبراهين الواضحة أنهما ليسا من الزنا أصلا فليس لهما شئ مما خص به حكم الزنا واحتج بعض أصحابنا في ذلك بأن قالوا: ان الابشار محرمة الا بنص أو اجماع، ولم يجمعوا على إباحة بشرة فاعل فعل قوم لوط وبشرة آتي البهيمة بتعزير ولا بغيره الا بأربعة شهود فلا يجوز استباحتهما بأقل * قال أبو محمد رحمه الله: فيلزم من راعى هذا أن لا يحكم بقود أصلا إلا بأربعة شهود لأنه لم يجمع على إباحة دم المشهود عليه بالقتل بأقل من أربعة شهود عدول فان قال بذلك كله قائل كان الكلام معه من غير هذا وهو أن يقال له قد صح الاجماع الصادق القاطع المتيقن على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقبول البينة في جميع الأحكام أولها عن آخرها وحد في بعض الأحكام عددا وسكت عن بعضها فإذ لا شك في ذلك فهذان الحكمان وغيرهما قد أيقنا أن الله تعالى أمرنا بانفاذ الواجب في ذلك بشهادة البينة فالواجب في ذلك قبول ما وقع عليه اسم بينة إلا أن يمنع نص من شئ من ذلك فيوقف عنده وقد منع النص من قبول الكافر والفاسق وأخبر النص أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل وأن الصبيان غير مخاطبين بشئ من الأحكام فخرج هؤلاء من حكم الشهادة حسب ما أخرجهم النص فقط، وأيضا فان الله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) الآية فصح أن هذا حكم
(٣٨٩)