وإن كان في أسانيدها معترض فان معناها صحيح، وفي الآيات التي ذكرتم كفاية لأنها منتظمة لمعنى هذه الأحاديث، ثم نقول وبالله تعالى التوفيق: نعم ان الله تعالى حكم بأن لا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى. وان كل امرئ بما كسب رهين، ونعم لا يجني أحد على أحد ولا تجني نفس على أخرى ولكن الذي قال هذا كله وحكم به هو أيضا القائل: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) وهو المخبر لنا على لسان عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم انه قد عفا لنا عن الخطأ والنسيان وهو تعالى مع ذلك الموجب في قتل الخطأ دية وكفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين لمن لم يقدر على الكفارة وهو الموجب على لسان رسوله عليه السلام على عصبة قاتل الخطأ وأهل بطه الذي ينتمي إليهم دية قتل المؤمن خطأ والغرة الواجبة في الجنين وكل قوله حق وكل حكمه واجب يضم بعض ذلك إلى بعض ويستثنى الأقل من الأكثر ولا يحل لاحد أخذ بعض أوامره دون بعض ولاضرب أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضها ببعض إذ كلها فرض وحق وليس شئ منها أولى بالطاعة له من شئ آخر ولم يأت نص ولا اجماع في قتل العمد، ولا يجوز تكليف أحد غرامة عن أحد إلا أن يوجبها نص أو اجماع * قال أبو محمد رحمه الله: فواجب ان ننظر من العصبة والبطن والأولياء الذين أوجب الله تعالى عليهم الدية في قتل الخطأ والغرة في الجنين فوجدنا الناس قد اختلفوا في ذلك فقالت طائفة: العاقلة هم من كان معه في ديوان واحد في العطاء كما نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الاعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن معمر قال: سمعت الزهري أو بلغني عنه أنه قال: الثلث فما دونه في خاصة ماله يعني مال الجاني وما زاد على ذلك على أهل الديوان، وبه قال أبو حنيفة. وأصحابه الدية في قتل الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين من يوم يقضى بها والعاقلة هم أهل ديوانه يؤخذ ذلك من أعطياتهم حتى يصيب الرجل منهم من الدية أربعة دراهم أو ثلاثة فان أصابه أكثر ضم إليهم أقرب القبائل إليهم في النسب من أهل الديوان، وإن كان القاتل ليس من أهل الديوان فرضت الدية على عاقلته الأقرب فالأقرب في ثلاث سنين ويضم إليهم أقرب القبائل إليهم في النسب حتى يصيب الرجل من الدية ثلاثة دراهم أو أربعة، وقال سفيان الثوري: الدية تكون عند الأعطية على الرجال * وقال الحسن بن حي: العقل على رؤوس الرجال في أعطية المقاتلة، وقال الليث بن سعد: العقل على القاتل وعلى القوم الذين يأخذ معهم العطاء ولا يكون على قومه منه شئ، وقال مالك: الدية على القبائل على الغنى قدره ومن دونه على
(٤٦)