ولو أنه عليه السلام أراد مقدارا من مقدار لبينه كما بين ذلك في النهبة في الحديث المذكور فخص ذات الشرف التي يرفع الناس إليه أبصارهم ولم يخص في الزنا ولا في السرقة ولا في الخمر فكانت هذه النصوص المتواترة المتظاهرة المترادفة موافقة لنص القرآن الذي به عرفنا الله تعالى مراده منا فنظرنا هل نجد في السنة تخصيصا لشئ من هذه النصوص؟ فوجدنا الخبر الذي ذكرناه من طريق عروة. وعمرة. والزهري. وأبي بكر ابن حزم كما نا عبد الله بن يوسف نا أحمد بن فتح نا عبد الوهاب بن عيسى نا أحمد ابن محمد نا أحمد بن علي نا مسلم بن الحجاج نا الوليد بن شجاع أرني ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة. وعمرة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تقطع يد السارق الا في ربع دينار فصاعدا " * وبه إلى مسلم نا بشر بن الحكم العبدي نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهادي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تقطع يد السارق الا في ربع دينار فصاعدا " * قال أبو محمد رحمه الله: فخرج الذهب بهذا الخبر عن جملة الآية وعن عموم النصوص التي ذكرنا قبل ووجب الاخذ بكل ذلك وان يستثنى الذهب من سائر الأشياء فلا تقطع اليد الا في ربع دينار بوزن مكة فصاعدا ولا تقطع في أقل من ذلك من الذهب خاصة، ثم نظرنا هل بحد نصا آخر فيما عدا الذهب؟ إذ ليس في هذا الخبر ذكر قيمة ولا ثمن أصلا ولا دليل على ذلك ولا فيه ذكر حكم شئ غير عين الذهب فإذا يونس ابن عبد الله قد حدثنا قال: نا عيسى بن أبي عيسى - هو يحيى بن عبد الله بن يحيى - قال:
نا أحمد بن خالد نا محمد بن وضاح نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ان يد السارق لم تكن تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أدنى من ثمن حجفة أو ترس كل واحد منهما يومئذ ذو ثمن وان يد السارق لم تكن تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشئ التافه فكان هذا حديثا صحيحا تقوم به الحجة وهو مسند لأنها ذكرت عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع يد السارق الا فيه لأنه لا يشك أحد لا مؤمن ولا كافر في أنه لم يكن في المدينة حيث كانت عائشة وحيث شهدت الامر أحد يقطع الأيدي في السرقات ويحتج بفعله في الاسلام الا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فصح بهذا الخبر أحكام ثلاثة. أحدها أن القطع إنما يجب في سرقة ما سوى الذهب فيما يساوي ثمن حجفة أو ترس قل ذلك أو كثر دون تحديد. والثاني أن ما دون ذلك مما لا قيمة له أصلا وهو التافه لا يقطع فيه أصلا، والثالث بيان كذب من ادعى ان ثمن المجن الذي فيه