وكلام الأصحاب من توجيه حتى يوافقا الظواهر) (1).
وفي الميزان بعد أن نفى الريب في دلالة الآية على انقسام المعاصي إلى كبائر وصغائر وأن الصغائر سميت في الآية بالسيئات، وأن الآية في مقام الامتنان جعل مساق الآية مساق الآية الداعية إلى التوبة التي بعد غفران الذنوب، قال:
(هي تقع أسماع المؤمنين بعناية لطيفة إلهية أنهم إن اجتنبوا البعض من المعاصي كفر عنهم البعض الآخر، فليس اغراء على ارتكاب المعاصي الصغار، فإن ذلك لا معنى له، لأن الآية تدعو إلى ترك الكبائر بلا شك، وارتكاب الصغيرة من جهة أنها صغيرة لا يعبأ بها ويتهاون في أمرها، يعود مصداقا من مصاديق الطغيان والاستهانة بأمر الله سبحانه وهذا من أكبر الكبائر، بل الآية تعد تكفير السيئات من جهة أنها سيئات لا يخلو الانسان المخلوق على الضعف المبني على الجهالة من ارتكابها بغلبة الجهل والهوى عليه) (2).
قلت: إن الألطاف الإلهية بالنسبة إلى المؤمنين في باب العفو والمغفرة تتجلى في التوبة وفي الشفاعة، وفي اذهاب الحسنات للسيئات، وفي غفران الله سبحانه الذنوب لمن يشاء إلا الشرك به عز وجل. لكن جعل مساق الآية الكريمة: (إن تجتنبوا.) مساق ما يدل على التوبة خلاف الظاهر، للفرق بين التوبة ومدلول الآية، لأن سد باب التوبة يوجب اليأس والقنوط من رحمة الله، والانسان إذا يئس توغل في المعاصي وأفرط في المخالفة بخلاف فتح هذا الباب. فإنه لا يسبب ذلك، أما مدلول الآية الشريفة فظاهره الوعد بتكفير الصغائر وعدم المؤاخذة عليها دائما بشرط اجتناب الكبائر.
فالجواب المذكور غير مقنع، وتفصيل الكلام في بيان معنى الآية الكريمة