ومنها صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بيت وقع على قوم مجتمعين فلا يدري أيهم مات قبل، قال: يورث بعضهم من بعض، قلت:
فإن أبا حنيفة أدخل فيه شيئا قال: وما أدخل قلت: لو أن رجلين أخوين أحدهما مولاي والآخر مولى لرجل لأحدهما مائة ألف درهم والآخر ليس له شئ ركبا في السفينة فغرقا فلم يدر أيهما مات أولا فإن المال لورثة الذي ليس له شئ ولم يكن لورثة الذي له المال شئ قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام لقد سمعتها وهي كذلك، قلت:
ولو أن مملوكين أعتقت أنا أحدهما وأعتقت أنت الآخر ولأحدهما مائة ألف والآخر ليس له شئ فقال مثله " (1).
ثم إن المعروف وراثة كل من الآخر ما كان تالدا وكان من صلب ماله لا ما كان طارفا وورثه من الآخر واستدل عليه بمرسلة حمران المذكورة وذيل صحيحة محمد بن مسلم المذكورة بناء على كونه من كلام الإمام عليه السلام، واستشكل بأن خبر عبيد بن زرارة المذكور وكذا صحيحة أبان المذكورة فيهما " ثم يورث الرجل " ومن هذه الجهة اشتهر تقديم الضعيف على القوي في الوراثة فإن لم يرث القوي مما ورث منه الضعيف فما الفائدة في تقديم الضعيف على القوي.
وأجيب بالحمل على الاستحباب والجهل بمصالح الأحكام أو حمل ثم في الخبرين المذكورين على غير الترتيب الخارجي بل على الترتيب الذكري نحو قوله تعالى " إلا من تاب وعمل صالحا ثم اهتدى " وغيره.
ويمكن أن يقال: أما حمل ثم في الصحيحة والخبر على الترتيب الذكري دون الخارجي الواقعي فهو حمل على خلاف الظاهر لا يصار إليه بدون الدليل، وأما ما ذكر من الحمل على الاستحباب فكذلك وأما ما ذكر من الجهل بالمصالح والحكم فلا إشكال فيه لكن لم أعرف وجه ما ذكر فإن الوجوب والاستحباب يرجعان إلى فعل المكلف وأما وراثة أحد المتوارثين من الآخر فهي أمر واقعي لا يتوجه إليه التكليف