ويمكن الاستدلال له بالمرسلين كالصحيحين بابن أبي عمير المجمع على تصحيح رواياته في أحدهما " العجين يعجن من الماء النجس كيف يصنع؟ قال: يباع ممن يستحل أكل الميتة " وفي الثاني " يدفن ولا يباع " (1) حيث إنه بنظر السائل ممنوع من طبخه بالنار وأكله وإلا لما سأل، وإن أبيت من جهة أن السؤال كثيرا يقع لرفع الشك والترديد قلنا العدول عن الأمر بالخبز إلى الأمر بالبيع والدفن يستفاد منه منع الخبز مع أن في الدفن إضاعة للمال المحترم إلا أن يقال: الظاهر أنه لا أمر حقيقة بالبيع ممن يستحل أكل الميتة ولا بالدفن لأنه يجوز تركه بدون البيع والدفن فيمكن جواز أكله مكروها بدون الحرمة فأمر بالبيع أو الدفن فإن مكروه الأكل كبعض أجزاء الحيوان المذكى المأكول اللحم إذا امتنع المكلف عن أكله امتثالا للنهي الكراهي إما يبيع من غيره وإما يدفنه وإما يتركه ويظهر من المرسل كالصحيح بابن أبي عمير جواز أكله بعد خبزه فروى عنه عليه السلام " في عجين عجن وخبز ثم علم أن الماء كانت فيه ميتة قال: لا بأس أكلت النار ما فيه " (2) وخبر آخر عن البئر تقع فيها الفأرة أو غيرها من الدواب فيموت فيعجن من مائها أيؤكل ذلك الخبز قال: أصابته النار فلا بأس بأكله " (3).
واستشكل في العمل بمضمونهما من جهة عدم عمل الفقهاء إلا الشيخ - قدس سره - في النهاية إلا أنه رجع عن الفتوى بالحلية في كتاب الأطعمة فلا مجال لرفع اليد عن الأصل المسلم من عدم حصول الطهارة بغير الماء وحرمة أكل المتنجس.
وأما حرمة أكل الطين فلا خلاف فيها ويدل عليها قول الصادق عليه السلام على المحكي في مرسل الواسطي " الطين حرام أكله كلحم الخنزير، ومن أكله ثم مات منه لم أصل عليه إلا طين القبر فإن فيه شفاء من كل داء، ومن أكله بشهوة لم يكن فيه شفاء " (4).