فنقول بعد ملاحظة الأخبار المذكورة ما وجه اقتصار الماتن - قدس سره - على الخمسة، قد يوجه بأن المسلم المتفق عليه الخمسة المذكورة ولم يؤخذ بمضمون الأخبار الدالة على ما زاد لضعف أسانيدها إلا لجهة استخباثها ولذا الحق بالخمسة من جهة التحريم: المثانة والمرارة، ولا يخفى أنه مع كثرة الأخبار المحرمة بحسب الظاهر لما زاد على ما ذكر وأخذ الفقهاء - رضوان الله تعالى عليهم - بمضامينها لا وجه لرفع اليد عنها، نعم قد يستشكل في العمل بالمجموع من جهة ترائي التعارض بين ما دل على حرمة بعض من المحرمات مع ما دل على أزيد أو دل على حرمة شئ آخر بدل ما فيه.
ويمكن أن يقال: ليست الأخبار المذكورة ظاهرة في حصر المحرمات حتى يكون بعضها معارضا مع بعض آخر والمعروف أن إثبات الشئ لا يوجب نفي ما عداه فإنه كثيرا يذكر وجوب أشياء أو حرمتها أو كراهتها من دون أن يستظهر منه نفي الوجوب أو الحرمة أو الكراهة عن غيرها، ولو سلم فالظهور البدئي يرفع اليد عنه بملاحظة المجموع وليس المقام من قبيل العام والخاص حتى يقال: يقدم الخاص على العام كما لا يخفى فلا بد من الأخذ بالمقدار الذي اشتهر حرمته بين الفقهاء حيث إن الأخبار بحسب السند لا بد من انجبار ضعف أسانيدها فيقتصر عليه، فلا يبعد حرمة جميع المذكورات في الأخبار إلا أذني القلب والعروق.
وأما عدم حرمة الكلي فلعدم التعرض في الأخبار المذكورة لتحريمها، نعم في مرسل السهل، عن بعض أصحابنا أنه كره الكليتين فقال إنما هما مجتمع البول (1) والخبر مرسل مضمر.
وتظهر الكراهة من خبر محمد بن صدقة عن الكاظم، عن آبائه عليهم السلام " كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يأكل الكليتين من غير أن يحرمهما لقربهما من البول " (2).