وأما الفتي من الضأن فإنه، وإن كان منسوبا إلى ذلك، فإن يبس سنه قد عدل رطوبة مزاجه وصيره أحمد وأجود انهضاما وأفضل غذاء. غير أن الفحول الرضع والقريبة العهد بالميلاد من البقر مما هو بعد في النشوء أفضل، وما خصي من البقر كان أفضل لأنه ألذ طعما وأرخى لحما وأسرع انهضاما وأحمد غذاء لقلة يبسه وقربه من طبيعة القريب العهد بالميلاد، وبحسب فضل غلظ لحم البقر والماعز وجفافه على لحم الضأن وكذلك فضل لزوجة لحم الضأن ولعابيته على لحم البقر والماعز. ولذلك صار الفتي من الضأن أحمد من البقر، والماعز أذم، وإن كان البقر أخص بذلك لفضل غلظه على الماعز.
ولهذه الجهة، صار الجدي الرضيع أوفق لكل المزاجات وللناقهين من الأمراض. وأما العجول الرضع فأوفق للأصحاء فقط، لأنها أغلظ مما يحتاج إليه الناقهون (1) من الأمراض. وعلى هذا الوزن والقياس صار الصغير من الماعز والبقر أحمد من الضأن.
وأما الهرم من كل حيوان فمذموم لنقصان حرارته الغريزية وقلة رطوبته الجوهرية، إلا أنه من الضأن أفضل،..
(2) حرارة الضأن ورطوبته الجوهرية على غيره من الحيوان بالطبع.
وإذا أتينا على ما أردنا تقديمه في هذا الموضع من اختلاف غذاء الحيوان في الجملة بالقول المطلق، فليستمر القول بذكر كل واحد من الحيوان على الانفراد. ولا قوة إلا بالله.