الإناث والخصيان من الماعز أفضل لأنها أرطب لحما وألذ طعما وأحد دما.
فإن قال قائل: فلم لا، قلت: إن الخصي من الماعز أذم، لان الماعز في طبيعته أقل حرارة، وإذا كان خصيا، ازدادت حرارته نقصانا، ودمه فسادا! قلنا له: قد بينا في ابتداء كلامنا أن في الماعز حرافة وحدة زائدة على المزاج المعتدل، وبخاصة إذا كان فتيا. فإذا أخصي استفاد رطوبة زالت بها حدته وجفافه وصار قريبا من المزاج المعتدل، إلا أن يعتق ويقارب الهرم فيصير مذموما جدا، لان حرارته تزداد ضعفا ونقصانا وتزول عنه رطوبته التي بها اعتدل مزاجه، لغلبة الجفاف والقحل على مزاج الهرم بالطبع.
ومن منافع الماعز على سبيل الدواء: أن زيادة كبده إذا نثر عليها شئ من دار فلفل مسحوق وشويت على نار جمر واكتحل برطوبتها السائلة (١) منها، نفعت من الغشاء. وقال قوم: ومن أكل كبد الماعز مشويا، فعل قريبا من ذلك. وإذا طبخ الكبد بماء وملح وفتح صاحب الغشاء عينيه وأكب وجهه على بخار ذلك الماء، فعل مثل ذلك أيضا، وكان أقوى فعلا. وحكى ديسقوريدس عن قوم كانوا يقولون عن كبد الماعز: أنه إذا أكل، نفع من الصرع، وبخاصة كبد التيس. وأما شحم الماعز فإنه أشد قبضا من شحم البقر وشحم الأسد فضلا عن الشحوم كلها. ولذلك صار إذا أذيب واحتقن به مع ماء الشعير المحمص المطبوخ أو ماء السويق المطبوخ أو ماء الكعك والسماق المطبوخين، نفع من سحوج المعاء.
وإذا أذيب مع الموم واحتقن به، نفع من ذلك أيضا. وإذا طبخ مع الشعير المقشر وتحسي نفع من قروح الرئة. وإذا تحسي المرق الذي يطبخ فيه شحم الماعز، نفع من ذلك. ومن شرب (٢).
وشحم التيوس أشد تحليلا من شحم الماعز الصغير. ولذلك إذا دق وعجن ببعر الغنم وشئ من زعفران وحمل على النقرس، حلل وجعه. وإذا اكتحل بمرارة الماعز الوحشي، نفعت من غشاوة البصر.
ومرارة التيوس الأهلية تفعل مثل ذلك أيضا. وإذا عمل من مرارة التيوس ضماد، حلل اللحم النابت المعروف بالتوث. وإذا لطخت العلة المعروفة بداء الفيل، زالت الزيادات الظاهرة في الورم. فأما دم الجدي فيستعمل في بعض المعجونات النافعة من قروح المعاء. ودم التيس إذا استعمل مقليا بزيت الماء (٣)، فعل مثل <ذلك> أيضا وقطع الاسهال المري. وكذلك تفعل الأرانب والأيايل. وإذا شرب دم الماعز بشراب، نفع من النشاب المسموم. وإذا حمل على الأورام، حللها.
وأما بعر الماعز، وخاصة الجبلي، فإن فيه حرافة وتحليلا وتنقية وإنضاجا. ولذلك صار إذا شرب، نفع من اليرقان المزمن العارض من سدد الكبد. وإذا شرب مع بعض الأدوية المدرة للبول والطمث، أعان على ذلك وقواها وأحدر الأجنة. وإذا حمل على الأورام الصلبة وهو خارج حين يخرج