على ظاهر البدن، أسخنه بدءا ثم لذعه وسلخه بإحراقه له. ولذلك صارت قوته عظيمة التلطيف جدا، حتى أنه إذا شرب، نفع منه نهش الهوام. وإذا تقدم الانسان بشربه وشربه قبل أن يناله شئ من السمائم بشراب ريحاني، لم يفعل فيه السم شيئا. وإذا افترش أو تبخر به، طرد الهوام. وإذا ضمد به موضع اللسعة، فعل مثل ما تفعله النار، لأنه يجذب السم والرطوبات من عمق البدن إلى ظاهره بلطافة وسهولة.
وزعم ديسقيريدس أنه ينفع من الجذام لأنه (1) من طريق أن فيه تلطيف وتحليل للأخلاط التي فيها بعض الرقة واللطافة فقط، لكن لان فيه مع ذلك أيضا تقطيع شديد للأخلاط الغليظة المولدة لهذا الداء.
ومن قبل ذلك صار ورق هذا النبات يجلو الآثار السود إذا طلي عليها ويذهب باللون الحائل الذي تحت العين. وأفضل ما استعمل لهذا الشأن، إذا طبخ بالشراب وضمد به الموضع وبخاصة إذا كان طريا، لأنه إذا جف ويبس، صارت له قوة قطاعة تحرق بسرعة وسهولة من قرب. وذلك أن مرارة هذا النبات وإن كانت يسيرة، فإنها تفعل ما يفعل غيرها من المرارات القوية، ومن قبل أن معها حرافة وجوهرا لطيفا (2) ومن هذه الجهة صار عصير هذا النبات إذا شرب أو احتقن به، قتل الدود الصغار والحيات الكبار وبخاصة إذا شرب بعسل وشئ من ملح. وإذا قطر من عصيره في الاذن، قتل الدود المتولد فيها. ومثل ذلك يفعل في كل جراحة تتعفن ويتولد فيها الدود. وبهذا السبب صار يقتل الأجنة ويطرحها وليس إنما (3) يفعل ذلك إذا شرب فقط، ولكنه يفعله أيضا إذا تحملته الامرأة لان قوته قوة قطاعة لمكان حرافته ومرارته، وإن كان مقويا للمعدة معينا على الهضم، مفتحا للسدد مدرا للبول، نافعا من ضيق النفس لجلائه وتنقيته للرطوبات الغليظة من الصدر والرئة. وإذا أكل ورقه مع التين، نفع من الاستسقاء ومن اليرقان السوداوي الكائن عن صفراء غليظة من جنس السوداء. ومن خاصته تحليل نفخ الباقلي وطرد رياحه. ولذلك صار إذا طبخ مع الباقلي والعدس، أزال رياحهما ونفخهما.
والجبلي أقوى فعلا من النهري والبري جميعا، وبخاصة من لذع الهوام، إلا أن النهري أخص بإفساد المني لأنه يذيبه ويسيله ويمنع من الانعاظ، وذلك لجهتين: إحداهما تحليله للرياح النافخة للقضيب، والثانية إضعافه لآلات المني بتجفيفه لرطوباتها. ولهاتين الجهتين صار يعقر (4) الرجال، ويفعل قريبا من ذلك في النساء. ويتجاوز ذلك إلى الدواب لما فيه من القوة على تجفيف المني.
والبري من هذا النبات مطلق للبطن، نافع للأرحام. والجبلي منه مقو لشهوة الجماع مدر للبول والطمث، مانع للقئ العارض من الرطوبة، مسكن لها من قرب، طراد للرياح، نافع من الاستسقاء ومن اليرقان العارض من سدد الطحال، محدر للمرة السوداء ومخرج لها مع الثفل. وزعم ديسقيريدس أنه مخصوص بالنفع من لذع العقارب