من المعدة، فعل بطبعه وسكن الالتهاب والحرارة وجلب نوما محمودا وأزال الصداع الصفراوي والدموي.
وإذا عمل منه ضماد (1) وحمل على الجبين والأصداغ، فعل مثل ذلك أيضا.
والمسلوق من الخس، والمطبوخ منه أيضا أفضل من الني لان النار تضعف قوة لبنه المعروفة بالأفيون، وإن كان المسلوق أسبق بالفضل، لان قوة لبنه بجملتها تزول عنه في الماء الذي يسلق به ويرمى. ولذلك صار ما كان من الخس في أول نباته أو قريب من ذلك أفضل مما قد عصا وغلظ وتولد فيه اللبن، لان ما كان منه قريبا من أول نباته قبل أن يتولد فيه اللبن، كان أنفع للمعدة وأقوى على الزيادة في المني واللبن جميعا. والسبب في منفعته للمعدة تسكينه لحرها والتهابها بفضل رطوبته الطبيعية واعتدال برودته. والسبب في زيادته في المني واللبن، زيادة غذائه على سائر البقول وتوليده الدم المحمود، إلا أن ليس له في إطلاق البطن ولا في حبسها تأثير بين، كأنه متوسط (2) بين ذلك، من قبل أن ليس فيه من الملوحة ولا الحرافة ولا الجلاء ما يقوى به على إطلاق البطن ولا له أيضا من القبض والعفوصة ما يقوى به على حبس البطن. فإذا عصى وتولد فيه اللبن، قلت رطوبته واستفاد مرارة يقوى بها على تفتيح السدد والنفع من ذوات السموم. غير أن الدم المتولد عنه وهو بهذه الحال مذموم جدا قريب من الدم المتولد عن الخس البري المعروف بالمزورية. ولذلك صار الاكثار منه إذا كان كذلك رديئا لأنه يولد ظلاما في البصر ويفسد النطفة.
أما إظلامه للبصر فلانه يخدر الحس ويطفئ نور القوة الباصرة بالافيونية التي فيه. وبهذه القوة أيضا صار مفسدا للمني لأنه يطفئ حرارته الغريزية ويخمدها. ومن قبل ذلك صار بزر الخس إذا شرب، قطع المني ونفع من كثرة الاحتلام. وأما ورق الخس فإنه إذا عمل منه ضماد، نفع من الحمرة وجميع الأورام الحارة إذا كانت حرارتها ضعيفة، لان برودة الخس لضعفها لا تفي بتبريد الحرارة إذا كانت (3) حرارة قوية.