وحكى جالينوس أنه أصلح رب سفرجل ساذج وصيره في إناء ضيق الرأس، وكان يطلى على رأس الاناء في كل وقت عسلا، وخزنه فمكث عنده سنين ولم يتغير. وكذلك ينبغي أن يفعل بكل شراب يحتاج أن يحفظ زمانا مديدا. وقد يختلف فعل السفرجل على حسب اختلاف أوقات استعماله، وذلك أنه إذا أخذ والمعدة خالية من الغذاء نقية من الفضول، تمكن من جرمها وقواه ودبغه دبغا، وفعل فيه ما له أن يفعل بطبعه من تقوية المعدة وقطع الاسهال والقئ، ونفع من نفث الدم، وأدر البول. وإذا أخذ والمعدة مملوءة طعاما، طفا وعام وتمكن من فم المعدة وقواه وعصر أعلا المعدة ودفع الطعام إلى أسفل وأحدره بسرعة. وكانت منفعته في قطع القئ أكثر منها إذا أخذ قبل الطعام، لأنه يقوي فم المعدة ويدفع ما فيه من الفضل إلى أسفل. ولهذا صارت الأشياء من شأنها أن تحبس البطن وهي على الامتلاء، لان المعدة إذا بعد عليها إخراج الفضل من أسفل وعاقها عن ذلك عائق، دفعته إلى فوق. ولذلك وجب على من أراد استعمال السفرجل لتقوية المعدة وحبس البطن أن يتناوله على الريق والمعدة خالية.
لتقوية (1) المعدة وحبس البطن إلى أسفل، فيتناوله بعد الطعام ولا يكثر منه، فإن الاكثار منه بعد الطعام يبشم (2)، لأنه إذا خالط الطعام منعه، ببرده ويبسه، من أن ينهضم بسرعة.
فإن قال قائل: فلم لا كان ذلك في التفاح أيضا؟ قلنا له: لان في التفاح رطوبة فضلية نية غير نضيجة، بها ينقاد إلى الانفعال ويتهوى بسرعة. ومن خاصة السفرجل أنه مع ما فيه من القبض، يدر البول وبخاصة العفص منه والقابض والحامض. وأما شراب السفرجل فيكون على ضربين: لان منه ما يتخذ ساذجا، ومنه ما يتخذ بالعسل أو بالسكر. والساذج منه أبرد وأكثر قبضا وأشد تقوية للمعدة وقطع الاسهال، لان قوته شبيهة بقوة الزعرور، إلا أنه ليس فيه لذاذة الزعرور. وأما المعمول منه بالعسل فهو أقل بردا وأضعف فعلا في تقوية المعدة وقطع الاسهال، إلا أنه أنفع لمن كان في صدره علة. وأما المعمول بالسكر وهو أكثر بردا من المعمول بالعسل، وإن كان فعله في تقوية المعدة وقطع الاسهال والقئ أضعف من فعل الساذج كثيرا. والمربى بالعسل من السفرجل مدر للبول. والعسل الذي يربى به يستفيد من السفرجل قوة يعقل بها البطن. وشحم السفرجل إذا خلط مع الضمادات النافعة من الاسهال والقئ، ولالتهاب المعدة والورم الحار العارض للثدي وجسأ الطحال، زاد في منفعتها زيادة بينة. وزهر شجرة السفرجل يستعمل يابسا ورطبا في الضمادات المحتاجة للقبض والتقوية وللأورام العارضة. وإذا شرب بشراب، قطع نفث الدم ونفع من الاسهال والقئ ومنع درور الطمث المفرط.
ولديسقيريدس دهن يعمله من السفرجل سماه السفرجلي يقوم مقام الأشياء القابضة. وصفته:
يؤخذ من الزيت الانفاق أربعة وعشرون رطلا وهو ستة أقساط (3) ومن الماء العذب عشرة أقساط. يجمع