مالحا، عصرت أعلى المعدة وأحدرته سفلا، وكان ذلك مثبتا لتنقية المعدة منه وقطع العطش المتولد عنه! قلنا له: إن العفوصة إنما تكون سببا لاطلاق البطن متى كانت المعدة مملوءة طعاما يعوقها عن الانحدار إلى قعر المعدة، لأنها تبقى طافية في أعلى المعدة وتعصره، وتحدر ما في المعدة ضرورة.
وإذا كانت المعدة خالية من الطعام ولم يعقها عائق عن الهبوط، انحدرت سفلا وجالت في المعدة واختلطت بما يوافيه في تحليل المعدة وحملها من الرطوبات، وجمعتها وغلظتها وزادت في قوتها.
وبذلك صارت زائدة في قوة البلغم المالح صرورة.
وأما الحلو من الكمثرى، فالغالب عليه المزاج المعتدل لأنه أقل أنواع الكمثرى برودة. ولذلك صار يسخن ويلين الثفل ويصلح لمن كان الغالب على مزاج معدته البرودة واليبوسة. ومن خاصية الكمثرى: أنه إذا طبخ مع الفطر، أزال ضرره وبخاصة الكمثرى البري، لأنه أقوى في ذلك كثيرا، لان قوته أكثر قبضا وأشد تقوية للأعضاء. والكمثرى البستاني ورماد خشب الكمثرى قوي المنفعة لمن عرض له خنق من أكل الفطر.
وأما التفه من الكمثرى فمذموم جدا إذ كان لا لذاذة له ولا طعم بين. ولذلك صار مغث مرخ للمعدة مفسدا لها (1).